كشفت وسائل إعلام عراقية، الأربعاء، أن الولايات المتحدة بصدد سحب قواتها من جميع القواعد، وحصرها في قاعدتين فقط، وهما عين الأسد بالأنبار وحرير في أربيل، مع نشر منظومة صواريخ الباتريوت فيهما.
تلك التحركات سبقتها معلومات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” عن نية الولايات المتحدة القيام بحملة عسكرية ضد مليشيات عراقية موالية لإيران، لا سيما “كتائب حزب الله” المتهمة باستهداف القوات الأمريكية.
وتثير هذه التطورات تساؤلات حول التحضيرات العسكرية للولايات المتحدة في العراق، وهل أن حصر قواتها في قاعدتين يمهد لهجمات ضد المليشيات الشيعية، أم أنها إجراءات للتحصين ليس أكثر؟
“إجراءات وقائية”
عضو لجنة الأمن والدفاع في برلمان العراق، عبد الخالق العزاوي، قال لـ”عربي21″ إن “الولايات المتحدة طالبت في وقت سابق رئيس الحكومة، عادل عبد المهدي، بحماية القواعد التي يتواجد جنودها فيها وحماية بعثتها الدبلوماسية، وحصلوا على وعد بذلك، لكن الهجمات ضدهم لم تتوقف، وسقطت صواريخ على القواعد التي يتواجد فيها الأمريكان”.
وأضاف: “لم يتحقق ما وعدت به الحكومة العراقية، ما دفع الولايات المتحدة إلى أن توفر الحماية لقواعدها بنفسها، وذلك باستقدام صواريخ باتريوت، وتكثيف حركة الطيران فوق أماكن تواجدها العسكرية، تحرزا من الهجمات التي تطالهم من مسلحين خارجين عن القانون”.
ولفت العزاوي إلى أن “العراق لا يسيطر على أجوائه، وإنما الولايات المتحدة هي من تفرض سيطرتها، وأن الضربات التي طالت مقرات الحشد الشعبي في أكثر من مدينة عراقية تثبت بالدليل القاطع أن الأجواء مخترقة”.
وفي الوقت ذاته، أكد العزاوي أن “لجنة الأمن والدفاع في البرلمان لا تزال تعتقد أن العراق بحاجة إلى الإسناد الجوي من قوات التحالف الدولي، وكذلك الدعم اللوجستي الجوي للطيران الحربي العراقي”.
“تمهيدا لحملة”
لكن الخبير الاستراتيجي والأمني، فاضل أبو رغيف، رأى في حديث لـ”عربي21″ أن “الولايات المتحدة لديها نوايا لمزيد من التصعيد ضد إيران؛ لأن هذه القواعد الأمريكية جاءت لسببين: الأول مجابهة إيران، والثاني للرد على أي ضربات على قواعدها العسكرية”.
وقال أبو رغيف إن “استقدام صواريخ الباتريوت ربما يأتي لحماية قواعدها العسكرية قبل أي خطوة تصعيدية تنوي واشنطن القيام بها، حتى لا تتكرر الضربات التي طالتها من هجمات إيران الصاروخية قبل شهرين”، في إشارة إلى الرد الإيراني على مقتل الجنرال قاسم سليماني.
وأكد أن “أي تحرك عسكري داخل العراق سيؤدي إلى احتقان الأوضاع بشكل أكبر، وكذلك التصعيد ضد أي فصيل مسلح من شأنه أن يفتح مزيدا من المشاكل التي لا حصر لها”.
ونوه أبو رغيف إلى أن “الوضع في العراق محتقن، والتصعيد ضد الفصائل الموالية لإيران سيؤدي إلى تحفيزها بشكل أكبر”، لافتا إلى أن “مجابهة هذه الفصائل بأسلوب تهديدي على مدار اليوم والساعة سيؤدي إلى تهيئتها لدرء أي خطر تستشعر به”.
والاثنين الماضي، قال رئيس الحكومة العراقية المستقيل، عادل عبد المهدي، إن الأعمال اللاقانونية في استهداف القواعد العسكرية العراقية أو الممثليات الأجنبية هو استهداف للسيادة العراقية.
وقال عبد المهدي، في بيان له وصل “عربي21” نسخة منه، إن “الحكومة العراقية تتخذ كل الإجراءات الممكنة لملاحقة مهاجمي القواعد العسكرية والممثليات الأجنبية، لمنعهم من القيام بهذه الأعمال”.
وأضاف: “نتابع بقلق المعلومات التي ترصدها قواتنا من وجود طيران غير مرخص به بالقرب من مناطق عسكرية”، محذرا “من مغبة القيام بأعمال حربية مضادة مدانة وغير مرخص بها”.
وشدد عبد المهدي على أن “القيام بأعمال حربية غير مرخص بها يعتبر تهديدا لأمن المواطنين، وانتهاكا للسيادة ولمصالح البلاد العليا”، مؤكدا “خطورة القيام بأي عمل تعرضي دون موافقة الحكومة العراقية”.
كما شدد على ضرورة أن “تتوجه الجهود لمحاربة تنظيم الدولة، وبسط الأمن والنظام، ودعم الدولة والحكومة، والتصدي لوباء كورونا”، داعيا إلى “وقف الخروقات والأعمال الانفرادية، واحترام الجميع للقوانين والسيادة العراقية”.