المآزق السعودية، والدور الإماراتي في صناعتها

عدنان أحمد20 سبتمبر 2019
المآزق السعودية، والدور الإماراتي في صناعتها
محمد عبدالرحمن العمودي
محمد عبدالرحمن العمودي

بقلم - محمد عبدالرحمن العمودي

بنظرة ثاقبة حول ما يجري في المنطقة العربية، وخصوصًا اليمن والخليج العربي ومحيطه؛ نعتقد جازمين أن الأمور تسير وفقًا لخطة مرسومة سلفًا، وكأنها سايكس بيكو رقم (2)، وأن المخطط الحالي يُعَدُّ أكثر دقة وتنظيمًا، وآثاره في المنطقة ستكون كارثية إن تمت، ورضخ قادة الدول الخليجية، والعربية للإستكانة لقبول هذه المخططات تحت أي ظرف قاهر، أو تآمر.

في السبعينات كان هناك مخططًا لتمزيق اليمن الى ست دويلات مختلفة، وبناء عليه فقد أُدخل اليمن بمعارك عديدة بين الشمال والجنوب، ثم بحروب الصراعات بعد الوحدة عام 90م، بغرض تفتيت القوة الهائلة التي يمتلكها اليمنيون كقوة عسكرية صلبة، وطبيعة جغرافية هائلة، وتنوع مناخي رائع يجعلها تمتلك مقومات الحضارة والرقي، والتغيير، ومقاومة تآكلها من داخلها ان استمرت بهذه القوة، كما كانت قديمًا يمنًا سعيدًا، وعظيمًا.

تم اكتشاف جزءً من هذا المخطط تقريبًا في عام 94م بعد أن تم إدخال اليمن في معركة كبيرة تستهدف تمزيق اليمن الموحّد، كما أريد لها أن تكون وفقًا لهذا المخطط، لكن شاء الله أن يتم إبطاله، لكن الأعداء لم يستسلموا، بل استمروا في تنفيذ مخطط التفتيت ليس بالتغيير الجغرافي فحسب، ولكن بالتغيير البنيوي المناطقي للأفراد، وتأجيج الأحقاد، والنعرات المناطقية الخبيثة، ولأجله دعمت فصائل مناطقية، وأنشئت كيانات تمزيقية، حيث ساهمت إيران في تقوية فصيلها الذي يقوده آنذاك معظم قيادة الإنتقالي حاليًا، حتى تم إيصال البلاد إلى ما هو عليه الآن من تشرذم، وتمزّق الى درجة أن يتم القتل العنيف بسبب الأحقاد المتراكمة.

ولأن اليمن بكل ما يحمله من قوة إن بقي موحدًا، فكان البدء به، ليستساغ بعد تمزيقه تمزيق السعودية، وبقية دول الخليج، حيث اكتمل لديهم تمزيق العراق، وسوريا، وليبيا، وانهاك مصر، وتغيير ملامح القوة لدى كل هذه الدول لتسهيل تنفيذ المخطط الشيطاني بتمزيق الأمة العربية والإسلامية طائفيًا، ومناطقيًا، وغير ذلك ليسهل بعد ذلك ابتلاعها، بعد إدخالها في حروب طائفية.

وفي نفس السياق؛ فقد تمت عملية تمزيق الوحدة الخليجية بإبعاد قطر، وإعلان الحرب عليها، وتجنيب عمان، وتهميش الكويت، رغم أن المخطط آنذاك كان الهدف منه هو السيطرة على قطر والكويت، وإدخالهما في بوتقة الخنوع والخضوع، وتجميد دورهما الإسلامي والعربي أمام المؤامرة التي تحاك لتمزيق المنطقة، وإدخالها في براثن التبعية الصليبية، واليهودية.

مأزق السعودية القاتل؛ يكمن في ثقتها الزائدة بدولة الإمارات (الشريك الغادر)، التي تقودها الى المآزق، واحدًا بعد الآخر، وتستنزف مصالحها وثرواتها، وتدمّر مصادر قوتها يومًا بعد يوم ضمن المخطط العالمي للتمزيق باعتبار أن الإمارات هي قوّادة الخراب، والتمزيق في الوطن العربي والإسلامي نظرًا لارتباطاتها المشبوهة، وتحركاتها المشؤومة ،والمعروفة في كل مصيبة تحل بأي بلد عربي وإسلامي.

وبناء على هذا؛ فالمأزق الكارثي الذي تسير فيه السعودية أنها رضيت بالدخول في مؤامرة الإمارات، وتبنت تمويلها باستهداف من أقنعتها الإمارات أنهم اعداؤها، وهي بالأساس تم إيقاعها في مؤامرة أخرى تستهدفها كدولة عملاقة، لها رمزيتها العالمية والإسلامية أنها بلد الحرمين الشريفين، وبما تملكه من ثروات طائلة حباها الله به، ولذلك كان الهدف هو تجريدها من مصادر قوتها، وصلابتها، ما جعلها تتخبط في دوامة لم تستطع الفكاك منها حتى الآن.

في عام 2014م أدخلت السعودية في مأزق اليمن بحجة محاربة الثورة اليمنية الوليدة، ومحاربة قوى الثورة فكان من آثارها سيطرة الحوثيين على اليمن، وأفقدت المملكة توازنها، لأنها مكنت إيران وحلفاءها من اليمن، وأصبحت منطلقًا سهلاً لتهديد مصالحها.

تلافت السعودية هذه الورطة بإعلان عاصفة الحزم بغية استهداف الخطر الداهم من الحوثيين في اليمن، فكانت الحرب في بداياتها الأولى تمثل حالة رائعة في تحقيق الإنتصارات، لكن الشريك الغادر (الإمارات) سعت تحت مبرر الإنضمام لمساعدة السعودية لمحاربة أعدائها، فاستطاعت ان تحرف البوصلة نحو أمور أخرى لا تمت بصلة الى تحرير البلاد من الحوثيين، ولا الى استعادة السلطة الشرعية، وتمكنت الإمارات من أن تكون بديلاً عن الحوثيين في السيطرة على الأراضي المحررة.

كان بإمكان السعودية أن تكمل عاصفتها الحازمة بكل قوة كما بدأتها، وحررت الأرض اليمنية برجالها دون التفات لمخططات الشريك الغادر، والذي أوصلها الى إدخالها في حرب عبثية غير استراتيجية، حيث تم فيها، وبحسب المخطط الإماراتي استعادة الأنظمة السابقة السلالية، والقبلية، والمناطقية، وتهميش الجيش الوطني من القيام بدوره، وإدخال اليمن في صراعات مناطقية، وسلالية، واستنزفت مقدراتها المالية بصورة مروّعة، وبالجانب الآخر تقوم الإمارات ببناء كيانها الإستثماري الإستراتيجي العالمي، وتسيطر على كل الموانئ، والجزر، والبحار اليمنية، وتقوم ببناء مليشيات من المرتزقة تأتمر بأمرها، فأصبحت السعودية للأسف الشديد لا تستطيع أن تقاوم أو تواجه الموقف، وقد حازت الإمارات وفقًا لمخطط التقسيم بين الدولتين أكثر مما حازت عليه السعودية.

كان بإمكان السعودية أن تؤمّن ظهرها من التمدد الفارسي الإيراني بتحرير اليمن منه وفقًا لخطة عسكرية مدروسة دون الحاجة الى الخوض في مؤامرة الشريك الإماراتي الغادر، وكانت ستكسب مع اليمن أعظم استثمار لو احسنت معه الشراكة الحقيقية، وهي أولى من غيرها بالإستثمار العادل الذي يضمن مصالح الشعبين.

الآن؛ السعودية تواجه ضغوطات عالمية كبرى تستهدف مصالحها البترولية العملاقة بفعل المؤامرة التي حيكت لها أن تقع فيها من شريكها الغادر، وقد أفقدتها مصادر قوتها، والذي لأجل مصالحها تصالحت مع عدوتها (إيران) لضمان عدم المساس باقتصادها، وتركت السعودية لوحدها تواجه أعظم مؤامرة تمر بها المملكة، فأصبحت تحت رحمة الأعداء، وابتزاز الصديق، وشماتة الخصوم، وقد أصبح محيطها في جهاته الأربع مصدرًا للخطر عليها باستهداف بنيتها الاقتصادية، ومكانتها العالمية المرموقة، كما أنها في هذا الوقت واقعة في مخطط آخر يجهّز على نار هادئة بتمزيقها كمرحلة لاحقة، ولن يكون ذلك إلا بعد بتمزيق اليمن.

هذه ملامح بسيطة من المخطط، وهناك تفصيلات آثرنا عدم الخوض فيها نظرًا لمساحة ما يمكن كتابته في مقال، لكن بإمكان السعودية أن تراجع حساباتها، واستراتيجيتها بعيدًا عن الشريك الغادر، وتساعد على تحرير اليمن برجالها الأبطال، فهم سندها، ومددها، لضمان سلامة ظهرها فتؤمّن جنوبها من أذناب إيران، وغربها، وجزء كبير من شرقها، وتركّز لتأمين شمالها، وتعيد علاقاتها المتعثرة مع أشقائها فتكون بذلك أعادت توازنها الى وضعه الطبيعي متى ما أحسنت التخطيط الإستراتيجي بعيدًا عن أية اعتبارات، وتوجسات مسبقة.

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق