كيف استغفلت الإمارات السعودية في اليمن؟

Editor20 أغسطس 2019
كيف استغفلت الإمارات السعودية في اليمن؟
أبو زين
أبو زين

بقلم - أبو زين

لعقود عديدة احتفظت المملكة العربية السعودية بدورها الرائد على مستوى الوطن العربي، وشكّلت سياساتها محددات التوجه العروبي ضد كل الأخطار والمؤامرات، مستندة على عاملين رئيسيين: قوتها الاقتصادية باعتبارها أحد أكبر اقتصاديات العالم، ومكانتها الدينية في قلوب المسلمين، فمنها خرجت رسالة الإسلام وفيها تقع قبلتهم (الكعبة المشرفة).

ولعل التحولات التي تشهدها المملكة العربية السعودية خلال هذه الفترة التي يمسك فيها ولي العهد محمد بن سلمان بمقاليد الحكم بشكل كلي، قد أثارت كثيراً من علامات الاستفهام، في ظل تزايد التأثير الإماراتي على استراتيجيات المملكة بشكل عميق وغير مسبوق.

وتبرز الهيمنة الإماراتية على القرار السعودي بشكل جلي في المشهد اليمن، وهو ما يزيد الظنون بأن دائرة القرار السعودي محترقة بشكل فادح من قبل عناصر تعمل لصالح أبوظبي، حتى وإن كانت هذه المصالح تتعارض مع مصلحة الدولة السعودية.

ولا يبدو أن السعودية تسير وفق رؤية واضحة، كما أن المتتبع لسياساتها في السنوات الأخيرة سيخرج باستنتاج مفاده: المملكة لا تعلم فعلاً من هم أصدقاؤها ومن هم أعداؤها.

هذه الحالة الفريدة من التوهان يعبر عنها تقرير أمريكي بشكل دقيق بالقول: تتحرك السعودية بشكل متخبط وفي كل الاتجاهات. في اليمن على سبيل المثال لا تملك المملكة أي استراتيجية للنصر في هذه الحرب. هي لا تقوم بإسناد الحكومة اليمنية بشكل كافٍ لحسم المعركة مع الحوثيين، وهي لا توجه أية ضربات موجعة للحوثيين. ولو سألت أي مسئول سعودي عن خطة بلاده للانتصار في هذه الحرب فإنه لا يملك إجابة واضحة.

غير أنه من المنصف هنا التأكيد على أن حالة الضبابية التي تغرق فيها المملكة، خاصة في حربها باليمن، تعود في الأساس لطبيعة الاستغلال السياسي الذي تتعرض له السعودية من قبل شريكتها في التحالف: الإمارات.

وهناك شواهد متعددة لهذا الاستغلال في اليمن تحديداً، فالإمارات أقنعت المملكة بأنها ستهتم بالمشهد العسكري والسياسي في المحافظات اليمنية الجنوبية، فيما تركز السعودية كل جهدها على أمن حدها الجنوبي ضد توغلات الحوثيين، وعلى الضربات الجوية في المحافظات الشمالية.

لم تكن هذه خطة استراتيجية بل فخاً محكماً وقعت فيه المملكة وبغباء يثير الدهشة والحسرة معاً. فالإمارات كانت تدرك أن معارك التحرير جنوباً ستفضي الى انتصارات سريعة بسبب الجغرافيا السهلية لهذه المناطق، وبالتالي أرادت أن تضمن بأنها ستكون هي المسيطر بشكل حصري على تلك المحافظات.

الإمارات أرادت إيضاً توريط السعودية وتشويه سمعتها على المستوى الدولي لأنها تدرك أن الغارات الجوية لابد أن تخلف وراءها المئات وربما الآلاف من الضحايا المدنيين. أضف إلى ذلك حجم التعقيدات التي تسببها الطبيعة الجغرافية الجبلية والتضاريس القاسية في المحافظات الشمالية، وهو ما يجعل معه أي تقدم عسكري بالغ الصعوبة.

وهنا لا بد من التساؤل: كيف يمكن لدولة بحجم السعودية أن ترهن قرارها ومصيرها بالإرادة السياسية للقيادة في الدولة الإماراتية، وهي دونها حجماً وقوة وتأثيراً ومكانة؟

ليس هذا فحسب، بل إن التشكيلات المليشياوية التي أنشأتها الإمارات جنوب اليمن تعتاش على المرتبات التي تقدمها المملكة العربية السعودية. تشتري الإمارات السلاح بالمال السعودي وتجند آلاف المقاتلين لمصلحتها بالمال السعودي أيضاً.

لقد تعرضت السعودية لاستغفال مدوي، وظلت ترهن انتصارها على حليف بالغ الخبث والمكر، ولهذا نراها بعد أربعة أعوام من الحرب وقد “غرقت في المستنقع اليمني” تترقب غارة جوية من هنا أو قصفاً صاروخياً من هناك، بينما تقتحم المدرعات الإماراتية المدن والأراضي اليمنية الجنوبية لإسقاط الحكومة اليمنية دون أن تجد أي عناء يذكر.

هذا التراجع السعودي أمام الهيمنة الإماراتية دفع صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية للتأكيد على أن محمد بن سلمان ليس أقوى زعيم في بلاد العرب، بل هو محمد بن زايد.

واليوم تمضي الإمارات لتحقيق كل أهدافها في اليمن، فيما تكتفي السعودية بالفرجة وبدفع فاتورة الحرب وتضع نفسها “مطية” لأحلام بن زايد، ليصبح كما يصفه يمنيون: الحاكم الفعلي للإمارات والسعودية معاً.

وبينما تأفل شمس الحكومة الشرعية كل يوم أكثر فأكثر تحت أنظار السعودية، تنكشف المملكة وحيدة أمام كل الأعداء والمتربصين وأولهم الإمارات. حينها لن تملك سوى استذكار المثل المشهور: أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق