بقلم - علي الفقيه
هل تتذكرون الأسماء والصور القميئة التي كانت تطل من مؤخرة “الأولى”، وتتزاحم على ناصية “الشارع”؟!
لا أعتقد أن أحداً سينساها فقد كانت زغاريدهم وقهقهاتهم تملأ الفضاء الإعلامي حين كانت مليشيات الحوثي تدوس بمجنزراتها أحلام اليمنيين، تدمر آمالهم وتنسف فرص التعايش والسلام في البلد..
لقد كانوا يشربون النخب مع كل انتصار لمليشيات الموت، ثم يتجشأون أعداداً صفراء بعناوين أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها تطفح بالوقاحة ولا علاقة لها بالعمل الصحفي المحترم.
مارسوا “القوادة السياسية والإعلامية” بتفنن حتي صاروا نجومها بدون منافس، وسوقوا لمشروع تدميري عنصري باحترافية عالية، وبعد انكشافهم الكبير كمنوا في مخابئ ينتظرون منحهم فرصة لمواصلة دورهم في عهد “السيد” الذي بشرهم به الخيواني والمقالح والبخيتي، لكن المليشيات وبعد أن مسحت بهم قذاراتها داستهم بأقدامها وركلتهم إلى زاوية الإزدراء، وأدركوا حينها أن الجماعة القادمة من كهوف الظلام والتخلف لديها جوقتها الخاصة وأنها لم تعد تحتاج لخدماتهم. فانتقلوا بعد كمون إلى دكة جديدة لممارسة نفس الدور، فقط تغيرت المنصة لكنهم لم يتمكنوا حتى من تغيير أساليب القوادة التي تمرسوا عليها وصارت هي حرفتهم.
وفيما ينطلق البعض بدافع ضغائن تجعله لا يفرق بين الصواب والخطأ، يعتقد البعض الآخر أنها لقمة عيش وعليه أن يقضي حياته منحنياً ليلتقطها ولو كانت مغمسة بالذل والعار، فيما يواصل الصنف الثالث العمل لمشروعه حتي وإن حاول تغطية ذلك بواجهة براقة وبدل قناعه أكثر من مرة، وتحدث بأكثر من لسان فهو يعمل ضمن قطار المشروع الإمامي العنصري وإن سار بعربة منفصلة وغرد لحناً مختلفاً.
ارتدوا اليوم لباس الوطنية الزائفة وخرجوا بعد أن ظنوا أن السنوات الصعبة قد جعلت الناس ينسون أنهم يومها لعبوا دور “الشواعة” لمشروع الحوثي، وكانوا يبذلون كل جهد لتصوير المعركة بين “أنصار الله” القوة الفتية الصاعدة وبين الإصلاح الذين يحلو لهم تسميته بـ “الإخوان” سعياً لشيطنته باعتباره القوة الوحيدة التي لا تزال متماسكة وشكلت، ولا تزال، حائط صد يحول دون تمكين مشروع “الإمام العلم” أو “الولي الفقيه” من التهام اليمن وتحويلها لمزرعة يصدر منها المفخخات للمنطقة.
اليوم انتقلوا من حدف الكفيل المحلي إلى حدف “كفيل إقليمي” جديد لقمته أدسم واستأنفوا مشوارهم لممارسة غوايتهم الجديدة القديمة “شيطنة الإصلاح”، واعتبار أي مواجهة من أجهزة الأمن والجيش الناشئة ضد جيوب الحوثي وعصابات التخريب والعنف أنها مواجهات بين الإصلاح وبين مواطنين مسالمين مستضعفين.
وبنظرهم فحين تقوم المؤسسة الأمنية والعسكرية (في مناطق حضور الإصلاح) بدورها لمواجهة عصابات التخريب وجماعات العنف فإن هذه الأجهزة هي مليشيات الإخوان الإرهابية ليرددوا معزوفتهم القديمة بأنها “معارك خاصة ولا علاقة لليمن بها”.
أحدهم وبعد اجتياح المليشيات للعاصمة صنعاء، بارت بضاعته القديمة “القوادة” فتح محل لبيع البنطلونات، وهذا كان أشرف عمل قام به طوال مشوار حياته، قبل أن يدعوه “دلال” الكفيل الجديد للإنتقال إلى الحضن الدافئ، ويستفيد من خبرته التي بدأت تضمر.
وحتى قبل أسبوعين، كان يتعالى ضجيج شقاة مندوب صاحب الصندوق السيادي الأضخم، بأن الإصلاح قد مكن الحوثيين من السيطرة على مارب، ويستعرضون مسؤولين تنتهي أسماؤهم بألقاب هاشمية، وسمعنا كثيراً من العويل تحت هذا العنوان، وحين اعتدت عصابة مسلحة على رجال الأمن وقتلت اثنين منهم وتحرك الأمن للقيام بواجبه في مواجهة أوكار العصابات الذين تنتهي أسماؤهم بألقاب هاشمية أيضاً ضجوا وتعالى صراخ النائحات المستأجرة أن “عصابات إخوانية” تعتدي على مواطنين أبرياء وتمارس بحقهم جرائم حرب ومنحوا قتلة رجال الأمن كل صكوك البراءة، وقرأنا حديثاً أشبه بما دار حين واجه رجال الأمن حوثيين اعتدوا على نقاط أمنية على مشارف عمران في 2014.
لا مشكلة عندهم أن تستمر حالة الفوضى واللادولة، ولا مشكلة عندهم أن يتمدد مشروع الحوثي وتسود حالة القهر والإستعباد، فتلك ليست معركتهم لأن لهم معارك خاصة.
أحد الزملاء، الذين أعمت الكراهية بصيرتهم، هاجم الإصلاح بعد أحداث مارب وعلق على عنصريته ضد الهاشميين في مارب وحين أخبرته أن رئيس الإصلاح في مارب من آل الشريف وأول شهداء الأمن هو أيضاً من آل الشريف ومدير أمن المحافظة ينتهي اسمه بلقب هاشمي، وقوبل تعيينه يومها بضجيج كبير، لم يجد رداً وواصل مشواره في توزيع تهم هي أوفر ما لديه.
سنواصل وقوفنا ضد المشروع الحوثي في اليمن، وسندعم الدولة وكل أجهزتها ومؤسساتها، وسنقف ضد أي مليشيات خارج الدولة مهما كانت سطوة من يقف وراءها، فقد أكدت سنوات التيه والتمزق التي عاشها اليمنيون صوابية ما كنا نقوله منذ الغزوات الأولى للحركة الإمامية العنصرية التي نبتت من بذرة الإستعلاء، وسقيت منذ لحظتها الأولى بالدم، وكشفت هذه السنوات أن كل من اختلقوا معارك جانبية وهمية لشيطنة الأحزاب والقوى الوطنية الفاعلة الرافضة للمشروع الحوثي، كانوا هم أحد أذرع الحركة الحوثية المسلحة وهم من مهدوا لها الطريق بتسويقها في الوعي المجتمعي كمنقذ وتشويه كل ما عداها.
ونحن نخوض معركتنا لاستعادة دولة تحمي حقوق وحريات كل اليمنيين لن نفتش في ألقاب الناس ولا انتماءاتهم الحزبية أو الجغرافية لتحديد مواقف منهم، بقدر ما ننظر إلى موقفهم من عصابة انتهجت العنف وانقلبت على الدولة ودمرت مؤسساتها ومضت توزع الموت والدمار إلى كل بيت في اليمن لإشباع نزعتها الشيطانية واعتقادها بالأفضلية وادعائها أنها مخولة من السماء بالحق الحصري والأبدي في التحكم برقاب البشر تبعاً لانتقال قداستهم عبر الحيوانات المنوية.
المعارك الوطنية الكبيرة لا يخوضها ويثبت فيها حتى النهاية إلا الكبار المتخففون من الضغائن القاتلة، القادرين على التفكير بأفق أوسع من جيوبهم وبطونهم وتطلعاتهم الشخصية.