بقلم - فارس بن حزام
مع انشغال العالم بمضيق هرمز، وترقب ضرب إيران، لا يجب إهمال الوضع في ميناء الحديدة على الجانب الآخر، فتهديد ناقلات النفط مستمر قبالته، ولقد مضت ستة أشهر ولم يطبق من اتفاق استوكهولم بند واحد.
في 13 كانون الأول (ديسمبر) الماضي، اتفقت الحكومة الشرعية والميليشيات، برعاية الأمم المتحدة، على تسليم موانئ الحديدة الثلاثة لقوات محلية، وانسحاب الحوثيين إلى خارج المحافظة، وكل ذلك في أسبوعين. فماذا جرى؟
مضى سبعة وعشرون أسبوعاً من عبث الميليشيات، وقابله صمت الأمم المتحدة، وترقب التحالف. كان التقدير في الأسابيع الأولى أن يتمكن المبعوث الأممي من إزاحة العقبات، والبدء في تطبيق بنود الاتفاق تدريجياً، غير أن الفشل رافق طول صبره، وأمله في التقدم خطوة واحدة إلى الأمام. لقد عبث الحوثيون بالمبعوث كثيراً، ولا بد من التذكير ببعض أفعالهم؛ إذ خدعوه باستبدال ملابس قواتهم، وأدعوا انسحابهم ووصول قوة محلية، وقبلها قرروا إعادة تفسير ما وقعوا عليه في استوكهولم، ولم يقدموا خريطة الألغام المزروعة في محيط الموانئ والمدينة، بل أنكروا زرعها. ومنذ الشهر الأول انتبه إلى عبث الميليشيات وتخاذل المبعوث الأممي، الجنرال باتريك كاميرت، المراقب العسكري الموكل إليه الاشراف على تطبيق الاتفاق، فاستقال حتى لا يكون شريكاً في خيانة الأمانة، وللأسف لم توقظ استقالته ضمير المبعوث، ولا الأمم المتحدة، ولا الغرب الراعي للاتفاق.
وقبل توقيع ذلك الاتفاق، كان التحالف على وشك السيطرة على ميناء الحديدة، في منتصف حزيران (يونيو) 2018 أطلق معركته واستعاد مساحات واسعة من المحافظة، وأوقفها لفترات قصيرة، سامحاً بمرور المساعدات وإجلاء السكان، وكاد أن يبلغ الميناء، لكن توالت عليه الضغوط الدولية تحت شعار “حماية أهم منفذ للمساعدات الإنسانية” من الدمار، فاستجاب للنداءات، ودفع الميليشيات إلى المفاوضات في السويد، أملاً في الوصول إلى الهدف المنشود، طردهم من موانئ حولوا أرصفتها إلى مراسي لاستقبال قطع الأسلحة الإيرانية، ومنصات للزوارق المفخخة المسيرة عن بعد، وهذه الزوارق عادت من جديد قبل يومين، عندما أعدتها الميليشيات لجولة أخرى ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، وصادتها طائرات التحالف قبل انطلاقها إلى أهدافها.
وبعد ذلك كله، ماذا بقي من اتفاق استوكهولم؟ لا شيء سوى أن على التحالف المضي قدماً، وإعادة إطلاق معركة الحديدة، واستعادة الموانئ، وتسليمها لإدارة محلية، تحافظ على المساعدات الإنسانية من النهب والمتاجرة، وتردع الميليشيات من تهديد الملاحة الدولية، وبذلك تكون طبقت الاتفاق الأممي بالقوة العسكرية، بعد أن فشل المبعوث الأممي في مهمته، وبعد أن ثبتت للعالم صدقية دول التحالف، ومسؤوليتها تجاه ما تعهدت به.