بقلم - عبدالعزيز غالب
لم اعرفه أكثر عن قرب ولكن الفرصة سنحت لي بحضور مجلسه عدة مرات، وقرأت عنه واستمعت للكثر من المحيطين به من المقربين منه وممن لا تربطهم به أي علاقة البتة.
تابعت ما كُتب ويكتب عنه في الصحافة والاعلام ولاحظت ظهوره النادر في وسائل الاعلام، فوجدت أن الرجل لا يكاد يظهر إلا في حدث أو مناسبة وطنية رغم قربه تقريباً من دوائر السلطة العلياء.
اذكر ذات مرة بعد أن خرجنا من مجلسه وكان معي شخص لا يبدو انه من الحاشية أو ممن لهم مصلحة من الرجل، لكنه كان مهتم بحديث الشيخ وادراكه لما يقول فقال لي صاحبي عبارة ظننته حينها مبالغاً فيها -ربما لأني لم أصل يومها الى قناعة بوطنية الشيخ وادراكه للأمور من حوله أو للانطباع المرسوم بشكل عام عن السلوك والأداء السلبي للمشائخ هذه الأيام- قال : “الشيخ هذا رجل اقتصاد من الطراز الأول”، قلت له: كيف؟ قال هو لا يتحدث كثيراً وإن تحدث ففي حديثه شيء من الواقعية والعقلانية، ولا يظهر للإعلام ولا يستخدم سلطته ونفوذه للإضرار بمناوئيه مع قدرته على ذلك، لكنه يعمل بصمت وبخطى ثابتة، وستثبت لك الأيام صدق حديثي” انهى حديث صديقي.
كان ذلك أول معرفتي بالشيخ أحمد صالح العيسي في العاصمة السعودية الرياض رغم أني سمعت عنه كثيراً من قبل وهو مازال في مدينة الحديدة إلا انه لم يسعفني شرف التعرف عليه إلا بعد فراقنا للوطن وحلولنا ضيوفاً على مملكة الخير والعطاء وملكها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود.
الشيخ العيسي أحد أبرز رجالات اليمن والذي يبدو للوهلة الاولى متواضعاً في شخصه مؤمنا برسالته وبقضية الوطن الكبرى المتمثلة بالخلاص من مليشيات الكهنوت الحوثية، تجد من خلال حديثه رجلاً مناضلاً وطنياً غيوراً وصلبا لا يلين أو يساوم في انحيازه للمشروع الوطني.. تستشف من حديثه ملاحظات قيمة وإرشادات حثيثة ومقترحات مفيدة، بكلمات معبرة تعكس وعياً متقدماً وحرصاً كبيراً على نصرة القضايا الوطنية؛ فالرجل بتاريخه الكبير ومسيرته العظيمة أكبر من أن تصفه كلمات اللغة، أو تنصفه العبارات الإنشائية أو ان ينصفه كاتب متواضع مثلي ببضع كلمات.
اليوم أدركت ان صديقي يكاد ان يبلغ من الحقيقة ذروتها وانه لم يكن مبالغا حسب ظني فيما قاله عن الشيخ العيسي رجل النضال والتنمية ورائد مسيرة اقتصادية يصعب حصرها في هذا المقام، برصيد تاريخي لا يمكن وصفه لشخصية يصعب انصافها ببضعة أسطر.