بقلم - أبو زين
لطالما مثلت الصلاة عموماً، وصلاة التراويح بشكل خاص طقساً روحانياً جامعاً، وملتقى اجتماعياً للمسلمين بمختلف أعراقهم ومذاهبهم.
تلك الطقوس الروحانية التي يفترض بها أن تهذب النفس وتغذي الروح وتوطد أواصر الترابط بين الناس، خاصة في هذا الشهر الفضيل، تعرضت لتشويه بالغ وتحريف خطير، مع تصدر أئمة متطرفين يدعون الى الفرقة والغلو ويحثون على إذكاء روح الصراع بين أبناء المجتمع الواحد.
وليس أدل على هذا من قيام أحد الأئمة في عدن بتسجيل سابقة خطيرة، عبر الدعاء على شريحة يمنية أصيلة في صلاة التراويح، مستغلاً هذا الطقس الإسلامي السامي لتحقيق أطماع دنيوية رخيصة ولإرضاء الممول الأكبر المستفيد من بقاء جذوة الفرقة مشتعلة لممارسة ما يحلو له من النهب والسلب وسفك الدم الحرام.
إن استغلال الصلاة، وهي الركن الثاني في الدين الإسلامي، لتنفيذ أجندات سياسية مأزومة يعد انتهاكاً صارخاً، ويكشف بعمق مدى الهوة السحيقة التي وقع فيها أمثال هؤلاء ممن جعلوا الدين تجارة لمشاريعهم وأطماعهم، وعليهم ينطبق قوله تعالى ((أُولَٰئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَىٰ فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ)).
إن تسييس الصلاة بما يحمله من استهتار كبير بقدسية هذا الفرض الإسلامي، يكشف أن الصراعات السياسية دخلت منعطفاً قاتماً، وصار الواجب على المجتمع التصدي لهذا الإنحراف الخطير في العقيدة والإنجراف الأعمى نحو الدم الحرام بغرض سفكه، بعد ان ظهرت حقيقة أصحاب هذا المشروع العنصري أمام عامة الناس.
وليست ظاهرة التسييس هذه إلا حلقة جديدة من حلقات الصراع غير الشريف ضد طائفة من اليمنيين، سبقتها قائمة عريضة من الانتهاكات والجرائم المغلفة برداء ديني، فمن لم يتورّع سابقاً عن سفك دم إمام مسجد أو حافظ للقرآن أو شاب حر وقف مناهضاً لهذا المشروع، لن يتورع الآن عن انتهاك فرائض الدين واستغلالها بطريقة مقيتة، والأيام القادمة حبلى بالكثير.