ربط خبراء في الصحة، بين السمنة والكثير من الأمراض، وقالوا إنها قد تسبب السكري، وارتفاع ضغط القلب، وتصلب الشرايين، ويمكن أن تتطور لتؤدي إلى الإصابة بالسكتة القلبية.
وبدأ الخبراء بالربط حديثا بين السمنة ومرض السرطان، حيث قالت اختصاصية طب الأسرة “مريم ستوبارد” لصحيفة “ميرور”: “إن معدلات الإصابة بالسرطان بدأت بالارتفاع خاصة عند الشباب بسبب السمنة”.
وقالت الصحيفة في تقرير لها ترجمته “عربي21″، بأن السمنة، وتسببها بالسرطان ارتبط في العادة بالأجيال الأكبر سناً، ولكنها الآن أصبحت أيضا تؤدي بالشباب للإصابة بالسرطان، حيث بدأت تزداد النسبة بشكل كبير بين الناس الذين تقل أعمارهم عن خمسين عاما.
ولفتت الصحيفة إلى أن حالات سرطان البنكرياس ارتفعت بمعدل ستة أضعاف في الفئة العمرية من 25 إلى 29 عامًا، مقارنة بأولئك الذين تتراوح أعمارهم بين 45 و49 عامًا.
وأشار الخبر إلى قيام باحثين من جمعية السرطان الأمريكية بفحص بيانات من حوالي 15 مليون حالة تشمل 30 من أكثر أنواع السرطان شيوعًا، بما في ذلك 12 نوعا مرتبطا بالسمنة.
وقسموا المرضى إلى خمس مجموعات عمرية تبلغ بين 25-29 إلى 80-84 عاما، وتابعوهم لمدة 20 عامًا، حيث وجد الباحثون أن السرطانات المرتبطة بالسمنة زادت بشكل كبير خلال فترة العشرين عامًا، ولكنهم فوجئوا بالزيادات الحادة التي تحدث في الفئات العمرية الأصغر سناً.
كيف تؤدي السمنة إلى السرطان؟
وأوضحت الصحيفة بأن الخلايا الدهنية ضارة ونشطة في الجسم، وهي سامة أيضا، إذ تطلق هرمونات التهابية، وتمرر إشارات إلى الخلايا التي تشجعها على الانقسام والنمو، وأحيانًا تستمر في النمو وتتحول إلى أورام خبيثة.
ويشير العلماء إلى أنه في حين أن الحالات لا تزال أكثر شيوعًا بين كبار السن، إلا أن الاتجاه المتزايد في المرضى الأصغر سنًا من المرجح أن يعكس ارتفاع مستويات السمنة.
وقال أخصائي الأورام ومؤلف الدراسة “أحمدين جمال”: “تحدث معظم أنواع السرطان لدى البالغين الأكبر سناً، ومن خلال دراستنا للبالغين الشباب، يرجح أن يزداد عبء حالات السرطان والوفيات المرتبطة بالسمنة بشكل أكبر”.
ووجدت الدراسة بأن معدلات الإصابة بسرطان الدم، وسرطان الأمعاء والرحم والمرارة والكلى والبنكرياس والغدة الدرقية، زادت عند البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاما.
وقال “جمال”: “لقد انخفضت معدلات الوفيات بالنسبة لمعظم أنواع السرطان، ولكن يمكن للسمنة في المستقبل عكس هذه النتيجة إلا إذا حدث تدخل وتمت محاربة السمنة”.
وأضاف: “تعاني الأجيال الشابة الآن من التعرض المبكر والدائم للدهون الزائدة والظروف المرتبطة بالسمنة التي يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بالسرطان”.
علاقة وثيقة
من جهته، قال أخصائي جراحة الأورام والكشف المبكر فادي النحلاوي: “إن هناك علاقة وثيقة بين السرطان والسمنة، وأثبتت عدة دراسات علمية هذا الارتباط، واعتبرت السمنة بأنها إحدى عوامل الخطر الرئيسية المسؤولة عن تطوير السرطان”.
وتابع النحلاوي في حديث لـ”عربي21″: “لم تعد السمنة فقط زيادة في الوزن، بل أيضا أصبحت مرضا معترفا به من قبل منظمة الصحة العالمية، وهي مرتبطة بعدة عوامل استقلابية وبنيوية”.
مضيفا: “هذا المرض وتأثيره على استقلاب وحرق الدهون، يؤثر على مجموعة من الأعضاء، وأما آلية ارتباطه بالسرطان ناتجة عن كون الجسم البدين أو بمعنى أصح الخلايا البدينة غالبا لا تقوم بإرسال رسائل تؤدي للتأثير على انقسام هذه الخلايا”.
وأشار إلى أن “هناك مجموعة من السرطانات المرتبطة بالسمنة أهمها سرطان الثدي والقولون والمريء والمعدة والبنكرياس وحتى سرطان المثانة، وتم أيضا إحصاء عشرين نوعا من السرطانات مرتبطة بالسمنة”.
وحول الربط بين السمنة عند الأطفال والسرطانات التي يمكن أن تصيبهم قال النحلاوي: “علاقة السمنة بسرطانات الأطفال حتى الآن لم تُثبت بشكل كامل، لكن مما لا شك فيه بأن السمنة عند الأطفال فيها نسبة خطورة واحتمالية تطورها لسرطان في المستقبل واردة”.
الدهون والسرطان
بدورها أكدت اختصاصية التغذية تهاني الجزازي لـ”عربي21″ على “وجود رابط قوي بين السمنة وبين السرطان، مضيفة: “المواد المسؤولة عن السرطانات تكون موجودة في الدهون، وكتلة الدهون الموجودة عندما تزيد عن الحد الطبيعي، فإن هذا بحد ذاته يشكل بيئة مناسبة لوجود هذه المواد المسرطنة”.
وأضافت: “فرصة تكون الجذور الحرة الناتجة عن عمليات الأيض تكون أكثر عند الأشخاص المصابين بالسمنة، وبالتالي تُسبب زيادة الجهد التأكسدي، وهذا بدوره يجعل احتمالية الإصابة بالسرطان وأمراض أخرى مثل السكري أكبر”.
وأردفت: “هنا يأتي دور مضادات الاكسدة للوقاية، بحيث ترتبط بالجذور الحرة وتخلص الجسم منها، بالتالي تحمي الجسم من الإصابة بالسرطان، وهي موجودة في الخضار والفواكه والشوكلاتة الدارك، والشاي الأخضر وغيرها من العناصر الغذائية”.