بقلم - محمد عبدالله القادي
عدة حقائق متعلقة بالجانب العسكري كشفتها جبهة مريس من حيث التأثير الشامل في ظل اعتبار المعركة التي تدور في اليمن كلية مترابطة يتواجه فيها طرفان كل منهما يسيطر على جزء من الارض.
جبهة مريس تعتبر الوسط ، والوسط هو اهم المواقع.
إذا اردت ان تضعف عدوك وتضعف مقاومته بشكل كلي ، فركز على الوسط واهجم وسيطر عليه بقوة.
وهنا ستستطيع ان تجعل مقاومة الاطراف ضعيفة لتسيطر عليها بسرعة ، وتستطيع ايضاً ان تفصل بين الاطراف من خلال انعدام تغذية قوتها المستمدة من الوسط ، وتستطيع ان تنفرد بكل طرف على حده.
الوسط هو العمود الفقري ، وعندما ان تقضي على شخص بسرعة وتجعله غير قادر على مقاومتك فأتيه من الوسط واستهدف العمود الفقري ليسقط سريعاً ويصبح كل اطراف جسمه مستسلمة امامك ضعيفة ان تقاومك ، بالعكس لو أتيت نحوه من احد الاطراف ، فهجومك على اقدامه سيقاومك برأسه وستكون مقاومته قوية متصلة بالوسط الذي سيشارك في المقاومة ويمد الرأس بتغذية قوة ، وايضاً لو هجمت على الرأس سيقاومك باقدامه وموقع الوسط في الجسم الذي سيشارك في المقاومة ويمده بتغذية قوة.
يتضح لنا جلياً ان جبهة مريس تعتبر العمود الفقري لكل جبهات التحالف والدولة المحاربة للانقلاب الحوثي والمواجهة لميليشات جبهاته.
بل ان جبهة مريس تعتبر ايضاً العمود الفقري لكل المناطق المحررة.
جبهة مريس التي تتمركز في موقع الوسط بين كل الجبهات الممتدة من الجوف ونهم والبيضاء ومن الحديدة وساحلها إلى تعز .
اراد الحوثي بهجومه المكثف نحوها ان يعطي ضربة قاضية تؤثر على جبهة خصومه ويستهدف كل المناطق المحررة.
نظر انه غير قادر على تحقيق اي نجاح يجعل خصمه يتراجع للخلف ويضعف امامه في كل الجبهات في حالة لو وجه الهجوم المكثف والمعزز على القوات المشتركة في مدينة الحديدة او تعز ، او الهجوم على جبهات نهم والبيضاء .
ووجد ان تركيز هجومه نحو مريس ليتقدم ويسيطر على الضالع هو الطريقة المناسبة التي ستمكنه من خلخلة كل الجبهات والتأثير عليها من مدينة الحديدة حتى تعز والبيضاء ومأرب ونهم .
مريس وقعطبة والضالع وجبن حتى مثلث العند ، هذه المنطقة تعتبر العمود الفقري للمناطق المحررة في الوقت الحالي.
اذا سيطر عليها الحوثي فهو قادر على استعادة عدة مناطق متوزعة مابين الجهتان الشرقية والغربية.
وسيصبح له قدرة على الانتقال من موقع الدفاع لموقع الهجوم واستعادة التقدم نحو الامام بدل من التراجع للخلف واسترجاع عدة مواقع كان قد خسرها سابقاً ، وسيحول مسار معركته نحو العودة باتجاه عدن بدل تراجعه نحو صنعاء.
من جهة اخرى فإن الحوثي اذا سيطر من منطقة مريس حتى مثلث العند ، فإن خروجه منها سيكون صعب وذلك بسبب ان هذه المناطق جبلية مرتفعة عن امامها وجوانبها ستمكن الحوثي من التمترس فيها ليواجه بقوة ، والامر الاخر ان هذه المنطقة وسط للمناطق المحررة وعادة المسيطر على الوسط ان يقسم ظهر خصمه ويفصله عن بعضه وينهك قواه.
مواجهة جبهة مريس لزحف الحوثي وصدها بقوة لهجومه المكثف والمركز ، جعلته يفشل في تحقيق هدفه العسكري الذي اراد تحقيقه مستغلاً توقف المواجهات بالحديدة نتيجة اتفاق السويد ، وتوقف جبهات نهم وغيرها بسبب توجه التحالف والشرعية نحو السعي للسلام ، لتضيع الفرصة الحوثية التي كانت تريد تحقيق نصر عسكري عبر سيطرة ميدانية على مريس والضالع ، لتكون بذلك قد وجهت ضربة قاضية تغير دفة الامور في صالحها بشكل عام ، وتغير موازين المعركة في الواقع بطريقة شاملة ، وتمنحها مزيداً من العمر وتضيف لها نوعاً من القوة ، وتلخبط اوراق خصمها العسكري وتربك صفوفه وتهز تماسكه وتضعف مستواه وتجعله يحتاج وقت كثير للتعافي من هذه الضربة واستعادة ما خسره.
صمود جبهة مريس وكسرها لشوكة الحوثي ومقاومتها له معيقة لتقدمه وموجهة ضربة قوية الحقت به خسائر كبيرة من الموارد البشرية والمعدات العسكرية ، لم تكن حققت بذلك انتصار لمريس وحدها فقط ، بل انتصار عام وشامل لأنها حافظت على العمود الفقري لكل الجبهات والمناطق المحررة.