بقلم - ابو زين
جميعنا شاهدنا ظهر أمس الجمعة كيف أن قاتلاً وسفاحاً تحلل من كل قيم الآدمية وأزهق دون أن يرف له جفن عشرات المسلمين الذين كانوا يتأهبون لأداء صلاة الجمعة في أحد جوامع نيوزيلندا.
وفي خضم هذه المشاهد المروعة التي هزت وجدان العالم أجمع تساءل كثيرون: لماذا هذه البربرية في القتل؟ ولماذا الإسلام تحديداً دون سواه؟ وكيف يمكن أن يصل الإجرام مثل هذا الحد الذي يصبح فيه القتل مجرد تأدية واجب لا أكثر!
وليس من المبالغة القول أن شعور المسلمين بالخوف من التالي وترقب المجهول يتنامى عاماً بعد عام، خاصة المسلمون في البلدان الغربية، مع تصاعد مخيف لأصوات المذاهب اليمينية المتطرفة، والمنادية بطرد المسلمين من تلك الديار أو قتلهم.
غير أن أوجاع المسلمين على امتداد تواجدهم الجغرافي لا تأتي فقط من تلك التنظيمات الغربية المتطرفة، بل من حملات تشويه ممنهج يمارس بحقهم وبحق ديننا الإسلامي في أوطاننا العربية من قبل أنظمة وجماعات متطرفة، والتي ساهمت بشكل كبير في تصوير الإسلام بأنه دين عنف، الأمر الذي ساعد الكثير من التنظيمات الغربية المتطرفة على ترويج أفكارها السامة، لينتج في المجمل اصطفاف عنصري ضد كل مسلم، ترجم مؤخراً بهذه الجريمة الوحشية.
من منا لم يسمع في السنوات القليلة الماضية أو يشاهد عدداً من الأنظمة العربية أو المليشيات الطائفية وهي تمارس تحريضاً صارخاً على الدين الإسلامي الحنيف، محاولة إلصاق تهم الإرهاب والعنف بكل ما يرتبط برسالة الإسلام.
وفيما كنا ننتظر أن تأتي الهجمة الأشد ضد الإسلام من أعدائه الخارجيين، فوجئنا بأن من يقود الحملة هم أبناء جلدتنا. مسلمون مثلنا، يصومون كما نصوم ويصلون كما نصلي، لكن يبدو أن أطماع الدنيا والارتهان لأعداء الدين قد ران على قلوبهم، فباتوا حراباً مسننة توجه طعناتها الغادرة الى الإسلام والمسلمين، وتمارس بحق أمة محمد واحدة من أكبر عمليات التشويه الممنهج والتحريض المتعمد، مصورة المسلمين بأنهم مجموعة من القتلة والإرهابيين.
ولعلنا لا نخطئ كبد الحقيقة حين نقول أن هناك “عدوان ثلاثي” على الإسلام والمتدينين يقوده نظام أولاد زايد في الإمارات، ونظام السيسي في مصر، وتمارسه بفجاجة مليشيات ما يسمى بالمجلس الانتقالي العنصري.
الشواهد في هذا الشأن كثيرة ودامغة بالصوت والصورة. حتى أن تلك الأطراف الثلاثة تجاهر بعدائها للإسلام والمسلمين، وتمارس التحريض على المسلمين بأبشع طريقة ممكنة، فهاهو وزير خارجية الإمارات عبدالله بن زايد يخاطب الدول الأوروبية في منتدى لمكافحة التطرف قائلاً: بعض الدول الأوروبية لا تدرك خطر تواجد 50 مليون مسلم في أوروبا.. هناك دول أوروبية باتت اليوم حاضنة للإرهابيين والمتطرفين وعليها أن تستعد للأسوأ لأنها قبلت بهم.
https://www.youtube.com/watch?v=VIsfbd5TcT0
رسائل التشويه والتحريض بعث بها أيضاً رئيس النظام الديكتاتوري القمعي في مصر، عبدالفتاح السيسي، حيث قال في كلمة خلال زيارته الأخيرة الى ألمانيا بأن الفكر الإسلامي حاضن للإرهاب، وبأن الدولة المصرية عملت ولا تزال على تصحيح الخطاب الديني ومحاربة الإرهابيين. قبل أن يوجه كلامه لقادة أوروبا قائلا: من فضلكم انتبهوا لدور العبادة والمساجد، فهي تحتضن الكثير من الإرهابيين والمتطرفين.
https://www.youtube.com/watch?v=46mlwAMm-QA
ولهذا فإنه ليس من الغرابة في شيء أن يختار هذا السفاح الاسترالي أحد المساجد في نيوزلندا لإخراج رشاشه وإزهاق أرواح من يؤمن بأنهم متطرفون وإرهابيون.
التركيز على المساجد وعلى محوريتها في تأسيس الفرد المسلم كانت أيضاً محل استهداف القيادي البارز في ما يسمى المجلس الانتقالي الانفصالي هاني بن بريك، والذي غرد قبل أعوام قائلاً: بؤر المفجرين المنتحرين هي المساجد الحاضنة لفكرهم، ومن المؤسف أن نجد من يقف ضد تطهير المساجد من دعاة هذا الفكر”.
شيخ آخر كان له دور في التحريض وتشويه الدين، وهو الشيخ الأردني المجنس إماراتياً وسيم، والذي أثار سخط الكثيرين بتطاوله على كتب الصحاح: صحيح البخاري ومسلم، مشككاً في صحتهما خلال برنامجه الذي يعرض من الإمارات.
https://www.youtube.com/watch?v=2feC0pTfSXY
هذا الاستهداف الذي طال كتب الصحاح شنته أيضاً الأكاديمية الإماراتية موزة غباش قبل أيام واصفة صحيح البخاري بالكتاب “المتخلف”، وذلك بحضور نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح الإماراتي.
وليس من المبالغة القول أن هذه الأطراف الثلاثة “أولاد زايد والسيسي والانفصاليون” قد مثلوا رأس الحربة في تشويه ومحاربة الدين الإسلامي، ولم تقتصر حملة الاستهداف بالتصريحات هنا أو هناك، بل مارست تلك الأطراف انتهاكات وفظائع بحق الاسلاميين بدعاوى مكافحة الإرهاب والتطرف، وليس أدل على هذا من قيام الإمارات بتمويل عمليات اغتيال طالت أئمة مساجد وعلماء دين في اليمن، فقتلت عشرات الشيوخ والعلماء والدعاة في عدن عبر ذراعها المسلح: مليشيات الحزام والنخبة.
ولا يبدو أن الحملة المسعورة التي تقودها تلك الأطراف ضد الإسلام في طريقها للأفول، لكن في المقابل باتت تلك الأطراف مكشوفة ومفضوحة أمام العالم الإسلامي أجمع، وبات الجميع يترقب يومهم المشهود على أحر من الجمر، وإن غداً لناظره قريب.
كتبه: أبوزين