بقلم - عفراء الحريري
الإرهاب الذي ظلت الاجهزة الامنية و الجماعات المسلحة والمليشيات تحدثنا عنه ، والمتمثلة بالمجاميع الملتحية التي ترتدي قمصان فوق الكعب ، وتتسلح بالأسلحة البيضاء والسوداء المشحوذة و المشحونة اللامعة ، ليس هو ماأريد الكتابة والتحدث عنه هنا ، ليس إرهاب القاعدة وداعش و السلفية الجهادية أو الحوثية العقائدية ، فهذا الإرهاب الذي تم القضاء عليه – كما يزعمون – ، جاءنا بدل عنه إرهاب ليس له معالم ، فهو ليس إرهاب من ذكرتهم سابقا ، أنه إرهاب أخر ، سفكت بسببه في عدن دماء غزيرة ولازالت ، هذا الإرهاب الذي زج في السجن بمئات الشباب أن لم يكونوا ألاف معظمهم لم يدانوا بدليل واضح ، هذا الإرهاب مازال بعض الصحفيين يكتبوا عنه وتلصق تبعاته بالأحزاب الإسلامية أو الشرعية أو العكس ، تحمل بعضها البعض المسؤولية المعنوية عنه ، وهذا النوع من الإرهاب هو الذي أمتد إلينا و صمتنا عنه بحجة – ان أمننا يعمل لمحاربة الإرهاب – .
أني أكتب عن إرهاب أخر ، إرهاب أخطر ، إرهابا متفشيا ، إرهاب ينال من البسطاء ، ويهدد البسطاء و الناس العاديين فقط .
إرهاب في عدن ولأهالي عدن التي كانت إلى وقت قريب مدينتي التي أعشق وأهوى وأهيم بها ، إرهاب في عدن التي كانت الآمال تملأ الناس فيها بأن التحالف العربي وتحديدا الأمارات ستأتي لإحداث تغيير جذري فيها ، في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وبالفعل جاءت إلينا راعية لقوات تكافح الإرهاب – واي إرهاب ياترى – جاءت تكافحنا نحن البسطاء / مواطنين ومواطنات ….كنا نأمل في أن تعود عدن نموذج لعاصمة تسير بخطى ثابتة نحو التحديث والحداثة ، لكن أصبح هناك إرهاب عاصمة تشكو من الفقر والأمية والبطالة ، والتي كنا نأمل بأن نجدها – عدن- التي أرتسمت في ذاكرتنا ، عدن الأمن والأمان ، عدن المحبة والتعايش والخصوصيات الجميلة التي تميزها طيلة عقود من الزمن – ومع ذلك لست من ناكرات الجميل ايضا ، فالعهد الاشتراكي حقق فعلا نظام وامن لايستهان به وحقق تقدما في عدة مجالات لايتسع الزمن لسردها الان – إلى أن جاء الإرهاب الجديد ، وحدث ماحدث في 28 يناير 2018م ، وكانت أمالي كبيرة في أن يحدث توافق سياسي بين الشرعية و المكونات السياسية التي تصارعت حينها ، ويلم شملها التحالف العربي ، كل هذه الآمال لم تشفع بالا يكون في عدن إرهاب من نوع أخر .
فماقيمة كل هذه الامال ، حين يسلب الأمن والأمان منا ، ونشعر بإننا مهددون في كل نفس نتنفسه ، وكل خطوة نخطوها خارج بيوتنا – وربما في داخل بيوتنا – ، ماقيمة الأمل والحلم والوعد و الخطابات و الافتتاحات و المساعدات والهبات والتبرعات ، حين ينتشر الرعب في أوساطنا ، بسبب تفشي ظاهرة الاعتداءات بالشاصات والمدرعات و الاطقم الاخرى وبالسلاح اي كان نوعه على الأبرياء ، اللذين واللواتي ليس لهم/ لهن قدرة على المواجهة ، حتى وان كنا قادرين/ ات على المواجهة من سنواجه ، بلاطجة منحرفين ، محششين ، محببين ..إلخ ، و يحملون أسلحة متنوعة و لايترددون في إشهارها وإستخدامها وإستعمالها ضد أي احد مسالم ، ضد حتى الشيوخ اللذين يوجهون لهم النصيحة ، فماذا أسمي ذلك ؟
أليس ذلك بإرهاب ؟.
بالأمس قالوا لنا أن هؤلاء ” كل من لديه شاصات ومدرعات واطقم اخرى …..وغيرها و أسلحة ” تدربوا ورصدت لهم ميزانية ضخمة من الأموال لمواجهة الإرهاب ، وأستبشرنا خيرا ، بإعادة الأمن لعدن ، وبعد فترة زمنية لم نكن نتخيل ان تصبح هذه الشاصات والمدرعات والاطقم الاخرى والاسلحة و العسكر – اي كانت تسميتهم- تكافحنا نحن – الإرهابيين – ، تحاربنا نحن إغتيالا وإختطافا و إعتقالا و إغتصابا وإعتداءا و أصطداما ونهبا وسلبا وسبا وقذفا …فنحن البسطاء صرنا- الإرهاب – .
فأجهزة الرعب مختلفة التسميات لم تعد تفرق بين المجرمين و المواطنين ، مادام ان المواطنين/المواطنات لا أمان لهم/لهن يستظلون/ن به ، فلابد من مكافحتهم/ مكافحتهن.
أين هو جهاز أمننا من كل طموحاتنا وتطلعاتنا بمستقبل زاهر؟ أين هو جهاز أمننا من تشدق مسئولينا بأن الأمان والطمأنينة تنتشر في كل جنبات عدن ؟ أين هو جهاز أمننا من إرهابنا ، وقتلنا و إغتيالنا وإختطافنا وسرقة أموالنا و أغراضنا وأراضينا والاعتداء على معالمنا ومدنيتنا ومدينتنا في وضح النهار؟ ثم ما قيمة رصد الميزانيات وصرفها فيما لايخص الأمن ، ومكافحة الإرهاب وإجتماع الوزير بالمدير ، و تصريحات الوزير والمدير ومشاركة المدير فعاليات مختلفة في المجتمع و تعيين فلان وعلان و تشكيل قوات امنية مختلفة ومتنوعة تحظى برعاية إماراتية عالية المستوى – ماقيمة ومافائدة كل هذا ، أن كان الامن نفسه منعدما بين الناس/ المواطنين ؟ إذا كان امن المواطنين من أولويات همكم لقضيتم على هذه الظواهر السيئة أو على الأقل أنتبهتم إلى شكاوي المواطنين ، لكن كل همكم هو ذر الرماد في العيون ، عبر بهرجت وتزيين الواجهات ، أما الداخل فهو متعفن فاسد ، ينذر بتفشي الظواهر السيئة وإفساد كل شيء .
إنني لا أتحدث عن أحداث معزولة هنا أو هناك في عدن إنني أتحدث عن ظواهر تفشت فيها ، أتحدث عن التعرض للمواطنين في وضح النهار وتهديدهم بالسلاح ، وقتلهم وجرحهم والاعتداء عليهم ….إلخ ، وحين أقول إنها ظواهر ، فإنني لا أبالغ ، فكثير من الناس تعرضوا لهذا الإرهاب وألتزموا الصمت ، خوفا من تلفيق الاتهامات لهم/لهن وإخفائهم/ إخفائهن .
هذا كله ولا من يحرك ساكنا في جهاز أمننا الذي يظهر أنه انشغل بإلقاء القبض على أصحاب اللحى وخطباء المساجد ، وأنشغل بحراسة الفنادق ، وبيوت قائدة الأمن والجماعات المسلحة و بعض المسئولين الكبار في معاشيق ، وتجار المخدرات ، وفي موكب القادة ، وبعض النقاط التي لا معنى لوجودها ، وبعض الاراضي التي تم الاستيلاء عليها و بعض البيوت التي تم إقتحامها ، والعشوائيات التي يتم بناءها في جوف المعالم الاثرية ….وماخفي كان أعظم .
وترك المواطن في عدن ، لمواجهة المجهول …لانه إرهابي
أين أنتم ياحكومة الشرعية و أجهزة الأمن ، ويامن تزعمون بتفويض الشعب لكم ، يا قوات الدعم والاسناد ومكافحة الإرهاب والحزام الامني وكل الجماعات المسلحة التي تحت رعاية التحالف العربي …وغير التحالف العربي.
أين انتم ؟ لتنددوا بهذه الظواهر التي ستحصد كل شيء جميل ؟ أينكم لتنددوا بظواهر خطيرة ستحصد الأخضر واليابس؟
ستقولون إنها ليست ظواهر ، بل هي تصرفات ” إعتداءات فردية على المواطنين العاديين ” ، وهي ظواهر معقدة مرتبطة بما هو اقتصادي واجتماعي وسياسي… إلخ. وككل مرة ستقولون لنا إن ما أفسد في ٣٣ عاما في العهد السابق يستلزم وقتا طويلا للخروج بعدن من الصدمة ، التي أصبحت فيها ، وتقولون كل أولئك – ممن ذكرت من القوات والجماعات المسلحة- ، هم حراس أمنكم وهم دائما في خدمتكم ، وحمايتكم من الإرهاب الملتحي ذو الراية السوداء ، نحن نعجز عن شكركم تجاه ذلك الأمر..
لكن لماذا تحولت كل تلك الاجهزة الامنية والجماعات المسلحة بكل مسمياتها ، إلى جعل المواطن إرهابي ؟ و اصبح نضال البسطاء من أجل لقمة العيش والحفاظ على حفنة كرامة و قليل من الشرف وقول الحق ….إلخ هو إرهاب .
عليكم أن تفيقوا من غفلتكم تلك …
فيا من لا يهمهم من مناصبهم في جهاز الأمن و الجماعات المسلحة – اي كان تسميتها ورعايتها- سوى البذلة الرسمية والسلطة لاستغلالها قصد تحقيق المصالح الشخصية. أفيقوا وتوقفوا عن ترديد عبارة: ( انا ومن بعدي الطوفان) .
إن المسألة ترتبط بوطن ومواطنين يعيشون تحت راية دولة يجب أن يكون من أولويات أولوياتها تثبيت الأمن والأمان والسلام …
” قبل أستعادة دولة الجنوب ، وقبل الفيدرالية بأقليمين او بالستة أقاليم أو حتى بالوحده “.
” على روحك السلام… يارأفت “