نشرت صحيفة “ديلي ميل” تقريرا لمراسلها جيمز ورد قال فيه إن العلماء قاموا ببناء وفحص جهاز يمكنه أن يحوّل الأفكار في الدماغ إلى كلام منطوق.
وقد رحّبت الأوساط العلمية والطبية بالجهاز على أنه اختراع يمكنه “تغيير حياة” الأشخاص الذين يعانون من مشكلة في الكلام مثل المصابين بالجلطات الذين يفقدون المقدرة على النطق.
ويقول التقرير الذي ترجمته “عربي21″، إن الجهاز الجديد يستخدم وسائل توليد الكلام المنطوق آليا (speech synthesisers)، بالإضافة إلى الذكاء الصناعي لتحويل أنشطة الدماغ إلى كلام مفهوم.
كما أنه يستخدم نفس تنكولوجيا خدمة “سيري” في جهاز “آيفون” وخدمة “إيكو” التي تقدمها شركة أمازون.
كما يوفر هذا الاختراع أملا للمرضى المصابين بالشلل بعد الإصابة بجلطة أو حادث للتواصل مع عائلاتهم وأصدقائهم بالرغم من فقدانهم للنطق.
ويأمل الدكتور نيمة مسغراني؛ أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة كولومبيا في نيويورك، أن يغير هذا الاختراع حياة آلاف الأشخاص المصابين.
وقال: “صوتنا يوصلنا بأصدقائنا وعائلاتنا والعالم حولنا، ولذلك فإن فقدان القدرة على النطق بسبب إصابة أو مرض، مدمّر للغاية. وبدراستنا هذه، يمكن أن نكون قادرين على إعادة تلك المقدرة. وقد أظهرنا أنه باستخدام التكنولوجيا الصحيحة بإمكاننا فك شيفرة التفكير (وتحويلها إلى كلام منطوق) يستطيع أي مستمع أن يفهمه”.
ويأمل أن يكون هذا الجهاز في المحصلة جهاز صغير يمكن زرعه للمريض بطريقة شبيهة بالأجهزة التي يلبسها مرضى الصرع؛ تترجم أفكار مستخدمها إلى كلمات.
وقال البروفيسور مسغراني: “مثلا؛ إن فكّر المريض بعقله “أريد كأس ماء”.. سيقوم الجهاز بأخذ الإشارات التي ولّدها دماغه وتحويلها إلى صوت صناعي”. وسيوفّر ذلك لكل من خسروا المقدرة على النطق من خلال الإصابة أو المرض الفرصة للاتصال بالعالم حولهم من جديد.
فالناس المشلولون تماما مثلا، لايستطيعون تحريك أي من عضلاتهم بشكل إرادي عدا عن أعينهم، ما يجعل فرصة المحادثة مستحيلة.
وكان العالم البريطاني ستيفين هوكنغ يستخدم جهازا تحركه عضلة في خده بعد أن أصيب بشلل كامل ليولد ذلك الجهاز ما يريد أن يقوله.
ولكن الأسلوب الذي يستخدمه الدكتور مسغراني، والموصوف في التقارير العلمية مختلف تماما، حيث يولد الكلام المنطوق بشكل واضح جدا. وهو يؤسس لمساعدة من لا يستطيع الكلام لاستعادة قدرتهم على التواصل مع العالم الخارجي. كما أنه قد يتم ابتداع طرق جديدة لأجهزة الكمبيوتر للتواصل مباشرة مع الدماغ. وعندما يتحدث الناس – أو مجرد تخيّلهم- تظهر أنماط من النشاط في أدمغتهم. كما أن هناك إشارات دماغية تظهر عندما نستمع أو نتخيل أن أحدا يتحدث.
ويقول الخبراء الذين يسجلون ويفكون تشفير تلك الإشارات إنه لا حاجة في المستقبل لبقاء تلك الأفكار مختبئة في الدماغ، إذ يمكن ترجمتها إلى كلام منطوق إن أردنا ذلك.
وكانت الجهود الأولية للبروفيسور مسغراني وغيره؛ والتي ركزت على نماذج حاسوبية بسيطة بنيت على مسح للذبذبات الدماغية، أو ما يسمى المخططات الطيفية، لم تحقق النجاح. فتحوّل فريقه إلى العمل على خوارزميات حاسوبية تعرف بـ”فوكودر”، تقوم بإنتاج الكلام المنطوق صناعيا بعد أن يتم تدريبها باستخدام تسجيلات بشرية حقيقية.
وقال البروفيسور مسغراني: “إنها نفس التكنولوجيا التي يستخدمها برنامج “إيكو” التابع لشركة أمازون وخدمة “سيري” التابعة لأبل، لإعطاء رد منطوق على أسئلتنا”.
وقام بتعليم تلك البرامج تحليل أنشطة الدماغ بمشاركة جراح الدماغ الأمريكي الدكتور أشيش ميهتا، الذي سمح له مرضى الصرع بزراعة أقطاب كهربائية في أدمغتهم للتوصل إلى مصدر نوبات الصرع.
وقال البروفيسور مسغراني: “بالتعاون مع الدكتور ميهتا، طلبنا من مرضى الصرع الذين سيخضعون لعمليات في الدماغ الاستماع إلى جمل محكية من عدة أشخاص، وقمنا بمتابعة أنشطة أدمغتهم. وباستخدام هذه الأنماط العصبية تم تدريب برنامج فوكودر”.
ثم طلب الباحثون من المرضى الاستماع لمتحدثين يلفظون الأرقام من صفر إلى 9 وقاموا بتسجيل الإشارات الصادرة عن الدماغ، والتي يمكن استخدامها لاحقا بتمريرها من خلال “فوكودر”.
وتم تحليل الصوت الذي ينتجه “فوكودر” ردا على تلك الإشارات ثم تمت تنقيته عن طريق شبكة عصبية صناعية، وهي صنف من الذكاء الصناعي يشبه تركيبة الخلايا الدماغية. وكانت النتيجة لذلك صوت شبه روبوتي يتلو سلسلة من الأرقام.
وللتأكد من دقة التسجيل، قام البروفيسور مسغاني وفريقه بالطلب من أشخاص أن يستمعوا إلى التسجيلات ويقولوا ما الذي سمعوه.
وقال: “وجدنا أن الناس يمكن أن تفهم وتعيد ما سمعت في 75% من الحالات، وهي أكثر بكثير من أي تجربة مشابهة سابقة”.
ويبدو الفارق واضحا عند مقارنة التسجيلات هذه مع التسجيلات القديمة التي قامت على المخططات الطيفية.
وقال البروفيسور مسغاني: “لقد قام “فوكودر” الحساس والشبكة العصبية الصناعية بتمثيل الأصوات التي تم إسماعها أصلا للمرضى بشكل دقيق مثير للدهشة”.
ويخطط الباحثون الآن إلى فحص المزيد من الكلمات الأكثر تعقيدا ويسعون لإجراء المزيد من الفحوص على الدماغ عندما يقول الشخص بعض الكلمات أو يتخيّل أنه يقولها.