يتكون شبه إجماع في كل مجتمع من بلداننا العربية على فترة عمرية محددة يكون فيها الشاب قد أصبح مؤهلاً لكي يخوض تجربة الزواج، ويستطيع تحمل المسؤولية التي تلقى على عاتقه بتشكيل الأسرة.
وفي ظل الاختلاف على السن المناسبة للزواج بين المجتمعات، طفت في السنوات الأخيرة على السطح مشكلات وعوائق جعلت الزواج من الأمور الصعبة، والتي لم يعد من السهل تحديد السن الذي من الممكن أن يتزوج فيها الشاب.
والعوائق هذه كانت نتاج الظروف السياسية والاجتماعية التي انعكست سلباً على حياة الشباب العربي، لا سيما في ظل انعدام فرص العمل وتفشي المشاكل النفسية.
– الواقع العربي
وعلى العكس من السنوات السابقة، كان العرف في بعض الدول العربية أن يتزوج الشاب في عمر الـ 22، وفي مجتمعات أخرى يصبح الشاب مؤهلاً للزواج عند الانتهاء من خدمته العسكرية الإلزامية.
أما في بلدان كاليمن والسعودية فلا يوجد سن محددة للزواج، خاصة أن الدولة لم تحدد سناً قانونية للزواج، فنجد طفلاً في العاشرة تجهز للدخول في الحياة الزوجية.
وبلدان عربية كالأردن ارتفع فيها معدل سن الزواج لدى الشباب إلى سن 32 مقارنة بمعدلات الثمانينيات من القرن الماضي حيث كان الشاب يتزوج بعمر الـ 25.
وفي المغرب ارتفعت نسبة العنوسة لتلامس عتبة الـ6%، في حين لم تكن تتجاوز الـ3% عام 2004، وتربع العراق على قائمة الدول العربية التي فيها أكبر نسبة عنوسة.
وفي مصر كشف تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، عن أن متوسط سن الزواج يختلف بين الذكور والإناث، حيث إنه يرتفع عند الذكور إلى 30.1 سنة، فيما يبلغ بين الإناث 24.4 سنة.
– نظرة اجتماعية
يرى بعض علماء الاجتماع أن أنسب سن للزواج تكون بين العقدين الثاني والثالث بالنسبة للرجل، حيث يكون الشاب في هذه الفترة قد تجاوز المراهقة والتهرب من المسؤولية، وأصبح قادراً على مواجهة ضغوط الحياة.
أما بالنسبة للنساء فيقول باحثون إن العمر الأنسب بين 18 و25، على العكس من الذين يقولون نقيض هذا الكلام ويقرون بضرورة الزواج المتأخر للمرأة لكي تكون جاهزةً نفسياً وتكون نضجت جسمياً وعاطفياً.
في حديثها لـ “الخليج أونلاين” تقول الاستشارية في شؤون الأسرة والزواج أشجان يحيى: “قبل العمر الزمني لأهلية الزواج يجب أن نتحدث عن النضج العقلي، وإذا أردنا أن ننظر فقط للنضج الجسمي فالزواج يصح منذ البلوغ”.
وأضافت “يحيى” أن الأساس هو المقياس العقلي لدى الشاب والفتاة، ومدى قبول فكرة الارتباط والمسؤولية، وحددت للفتاة سن الـ20، “ويتوقف ذلك على طبيعة البيئة والأهل”، مشيرة إلى أن الشاب يصبح مؤهلاً للزواج في عمر الـ23.
وعزت ظاهرة الزواج المبكر في بعض البلدان إلى طبيعة المجتمع، وبساطة خطوات المراسم الاحتفالية، والأعراف المتبعة، والنظرة السائدة لعمر الزواج في المحيط الذي يعيش فيه الشاب أو الفتاة.
– الأوضاع الاقتصادية
وفي السنوات الأخيرة، ومع صعوبة الأوضاع الاقتصادية واشتعال الحروب، يعزف كثير من الشباب عن فكرة الارتباط وتكوين الأسرة لمخاوف اقتصادية ومعاشية، ما يغير نظرة المجتمعات لسن الزواج وتقاليده.
وتذكر الباحثة “يحيى” أنه وعلى الرغم من الوضع الاقتصادي الحرج لبعض البلدان، فإن بعض البلدان ما زالت تتمسك بنفس الشروط التي لا تتناسب أبداً مع الظروف الاقتصادية، إذ إن اشتراط كميات من الذهب، ووجود بيت، مع عدم مراعاة للوضع الراهن، ما زالت موجودة.
وكذلك، تحْكم مجتمعاتنا العربية العادات والتقاليد والأعراف الاجتماعية في أمور الزواج، ولا تخضع لقوانين الدولة التي تقر في كثير من الأحيان أن السن القانونية هي 18 عاماً.
وكون المجتمعات العربية بغالبيتها مسلمة، فإن الدين يفضل الزواج المبكر لمن استطاع أن يتزوج، استطاعةً مادية وبدنية، لما للزواج من أثر كبير في تكوين الأسرة المسلمة.
وفي بعض المجتمعات العربية يتم إجبار الإناث على الزواج مبكراً، وفرض زوج حسب رغبة الأهل، وهو ما تحاربه العديد من المنظمات والمؤسسات الأممية، إذ دعت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) إلى إكمال تعليم المرأة لكي يزيد وعيها ولا تقع فريسة العادات المجتمعية.
*الخليج العربي