بقلم - فتحي بن لزرق
زرت محافظة أبين هذا العيد وقضيت فيها 3 أيام وتجولت بمديرياتها كافة وعدت بانطباعات كثيرة جميلة عن أبين وأهلها .
ما ان تخرج من “عدن” وتصل زنجبار حتى تشعر بأنك في واقع مغاير لكل الواقع الذي يعيشه الناس في عدن .
في أبين تبدو الصورة مغايرة كثيرا كثيرا لما يعيشه الناس في عدن ، يعيش الناس ظروفا معيشية صعبة لكن المحافظة مقارنة بعدن يبدو حالها أفضل في مناحي كثيرة ليس بينها الوضع المعيشي للناس والخدمات.
تسود أبين حالة من الأمن والأمان لم تعشها منذ أكثر من 10 سنوات والفضل هناك بعد الله لدولة الإمارات العربية المتحدة ، سرنا في مناطق مختلفة ليلا ، مناطق لم يكن يجروء الشخص ان يمر بها نهارا.
في أبين يمنع إطلاق الأعيرة النارية خلال الأعراس في قرى نائية ويمتثل الناس طواعية للقانون ويطبقونه بحذافيره .
في أبين يوم العيد شاهدت قطاع كبير من الناس وقد تخلى عن أسلحته وسار بلا سلاح.
في ابين وضع معيشي وخدماتي صعب خصوصا في مديريات المنطقة الوسطى حيث ينحدر الرئيس من هناك ولم يقدم لهذه المناطق شيء يذكر.
في أبين تتعايش كافة الأجهزة الأمنية الممولة حكوميا وإماراتيا وتتحد جهودهم لأجل امن واستقرار المحافظة .
في لودر وزنجبار كبرى مدن محافظة أبين وجدت “اليمن” الذي غاب منذ العام 2011 ، تزدحم هذه المدن بمئات المحال التجارية لتجار من محافظات شمالية والآلاف من الأسر من تعز وصنعاء وريمة واب وذمار ومأرب ويعيشون في كافة مدن أبين معززين مكرمين.
في أبين تنتشر عشرات النقاط الأمنية لايتجرأ جندي واحد لا من الحزام ولا من الجيش ولا من القوات الخاصة ان يوقف أي سيارة ولا يسأل من أين انتم ؟ والى أين ذاهبون؟.
في أبين يمر اليمنيون كافة على طول الطرقات لايعترضهم احد وفي طريق عودتي التقيت بعشرات الأسر من مأرب وتعز والبيضاء وهم في طريقهم إلى عدن ،سألتهم هل أوقفكم احد قالوا لا والمؤلم إنني سرت خلف بعضهم ووجدتهم وقد توقفوا بنقطة العلم لتبدأ رحلة العذاب المهينة التي تنتهي ب5 الف ريال على كل رأس .
زرت مدينة لودر وتجولت بشوارعها وجدت كل شيء على ماهو مطاعم إخوتنا الشماليين مثلما هي ومحلاتهم التجارية ورؤوس أموالهم الضخمة لاينازعهم فيها احد.
وجدنا بائع الشاي سيف التعزي” بجانب سوق السمك الذي قدم إلى المدينة قبل سنوات طويلة لايزال كما هو في لوكندته الصغيرة فاتحا أبوابه في ثاني أيام العيد .
سألته مازحا :” لماذا لاترحل يادحباشي من أرضنا ؟ ضحك وقال :” هذه أبين يا ابني ذات يوم حينما هاجمت القاعدة المدينة كنت إلى جانب الناس وسأظل نعم انا من تعز لكنني لا اعرف موطنا غير لودر..
سألته هل تتلقون مضايقات من احد ..؟
ضحك الرجل ملئ شدقيه وصب كوب شاي ملبن وناولني إياه وقال بلكنة بدوية مز راسك وأردف :” وهل انا في عدن؟
بينما تضائل الجنوب بفعل العقليات القروية التي حولت “عدن” إلى منفى سلوكيات مجنونة تعملقت أبين وحلقت عاليا عاليا بفعل عقول أبنائها ورجاحة فكر أهلها وقياداتها.
التقيت بعدد من المشائخ والأعيان وقيادات الحزام الأمني والحراك بمقيل عام يوم العيد وجلسنا نتحدث مع عدد من قيادات الحراك الجنوبي وقلت لهم :” لماذا غبتم ؟
قالوا :” كان نضالنا لواقع غير هذا الواقع ووطن غير الذي نراه ، هذا الواقع لايمت لنا بصلة ولانعرفه لذلك التزمنا مساكننا.
تبدو “أبين” بعيدة كل البعد اليوم عن هذا الواقع المجنون الذي يعبث بعدن اكبر منه واصغر منها.
لم تكن “أبين” ضد الجنوب قط لكنها اليوم تشعر ان هذا الواقع المجنون والمشوه لايمثلها أبدا ، جبلت أبين على ان تكون كبيرة وستظل كذلك.
قلت لقيادي في الحزام الأمني بلودر :” لماذا لاتوقفون العائلات الشمالية وتفتشونها وتمنعون مرورها :” ضحك وأشاح بوجهه وأشار بيده صوب حصون زارة القديمة وقال :” وش بانقول في شروع القبيلة حما بانوقف نساء وأطفال ونظلي ننتعهم .. شي معكم دولة يافتحي ماذا امخزى ماهوشي لنا .
عدت إلى عدن مساء ثاني أيام عيد الأضحى وبعد ساعات وصلتني رسالة من مواطن عدني يدعى فارس طه حسن يقول ان مسلحين داهموا بيته الذي يقطن فيه بالتواهي منذ عقود بحجة ان أصوله من تعز بهدف الاستيلاء عليه .
تذكرت أبين وكيف يعيش اليمنيون هناك .. فتحسرت ..
#فتحيبنلزرق
23اغسطس 2018