في عيدهم السنوي.. عمال اليمن شريحة منسيّة ومعاناة لا تنتهي

محرر 31 مايو 2018
في عيدهم السنوي.. عمال اليمن شريحة منسيّة ومعاناة لا تنتهي

لم أكن أتخيل أن يأتي يوما لا استلم فيه مرتبي فمنذ انقطاعه لم أعد بوسعي عمل أي شيء لا راتب ولا عمل” هكذا تحدث محمد الريمي 53 عاما وهو يشرح وضعه المادي بعد أن وجد نفسه عاملا في إحدى الجولات وهو الضابط الذي كان يعمل مساعدا في قسم شئون الضباط بوزارة الدفاع في العاصمة صنعاء.

تحول محمد إلى عاطل عن العمل بعد أن فقد وظيفته التي كان يعمل فيها لعدة سنوات استطاع ان يعيش فيها مع أسرة عيشة كريمة والتي باتت بالنسبة لمحمد كأحلام ولم يعد يتذكرها إلا سوى للتباكي على الأطلال يقول محمد: بت أصارع مرارة الشقاء والحرمان لقد بعت كل شيء لكي أوفر متطلبات البيت الأساسية ولولا الخوف من أهل القرية ما زدت جلست في صنعاء يوم واحد”.

يقول محمد لو عدت البلاد بيضحكوا علي بيقولوا أني عجزت عن توفير لقمة العيش لي ولأولادي وكلما ذكرت ذلك أفضّل العيش هنا في صنعاء على أن أغادر الى بلادي ريمة”.

جهد ومشقة:

لم تكن معاناة “محمد الريمي” هي الوحيدة بل هي حالة من ضمن ملايين اليمنيين الذين فقدوا وظائفهم ورواتبهم جراء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي وانقلابها على الدولة في سبتمبر 2014م وانقطاع مرتبات الموظفين منذ نحو عام ونصف على التوالي فضلا عن انعدام الأشغال وبات الحصول عليه مشقّة تحتاج الى جهد وتعب.

فـ”أحمد السريحي” 40 عاما والذي يعمل موظفا في كلية المجتمع لم يكن احسن حالا من محمد الريمي والذي فقد الأخر هو عمله ورغم أنه بات يداوم بين كل وقت وأخر إلا أن انقطاع المرتب هو العامل المشترك بين كل الموظفين في اليمن.

يقول أحمد وهو يتحدث عن معاناته كأحد موظفي اليمن والذي وجد نفسه مرميا على رصيف البطالة يبحث عن عمل يسد به رمق حياته ويعيش مع أطفاله وتوفير لهم احتياجاتهم الرئيسية “كنت دوما ما أحرص على تقديم النصائح لأقربائي بضرورة الاعتماد على المرتب الحكومي وعدم الاعتماد على القطاع الخاص”.

ويشير أن أقرباؤه الذين اعتمدوا على المرتب الحكومي باتوا في وضع صعب وحالة لا يعلم بوجعها إلا الله”. بينما الذين واصلوا أعمالهم في القطاع الخاص باتوا اليوم أفضل حالا من غيرهم من موظفي القطاعات الحكومية”.

وبحسب محمد فإن الوجع ليس في انقطاع الراتب فحسب بل في انعدام الأعمال والتي لو وجدت سنستطيع توفير لقمة العيش ونشتغل على أنفسنا لكن اليوم لا راتب ولا عمل.”

محمد الريمي” و”أحمد السريحي” ليسا سوى نموذجين لمعاناة عمال اليمن وموظفيها الذين يعيشون الأسى والحرمان منذ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة في سبتمبر 2014م والتي قامت بإقصاء كل موظفي المؤسسات الحكومية وتعيين المقربين منهم وتحويل مؤسسات الدولة الى اقطاعية خاصة بهم وأضحى عُمال اليمن هي الحلقة المنسية بين حلقات الصراع والمواجهة بين الشرعية والانقلاب.

مأساة بالأرقام:

اليوم تحتفل اليمن مع مختلف دول العالم بعيد العمال الذي يصادف الأول من مايو/ أيار تقديرا للدور الذي يقومون به فيما يستغله آخرون للمطالبة بحقوقهم حيث يصادف الاحتفال بهذا العيد واليمن تعيش في ظل ظروف اقتصادية صعبة منذ أكثر من ثلاث سنوات نتيجة الحرب التي أدت إلى انهيار الاقتصاد وتردي الأوضاع المعيشية.

تشير الاحصاءات الى تضرر مختلف جوانب الحياة باليمن جراء الحرب إذ فقد قرابة 80% من الشباب العاملين وظائفهم بعد أن تم تسريح 70% من العمال لدى شركات القطاع الخاص وفق تقرير صادر عن الأمم المتحدة العام الماضي فيما تشير إحصائيات أخرى إلى حاجة 82% من السكان في اليمن لمساعدات إنسانية نتيجة تدهور الأوضاع جراء استمرار الحرب.

تتحدث الأرقام عن مأساة عمال اليمن التي تصاعدت خلال أكثر من ثلاثة أعوام إلى أعلى المستويات حيث تكشف الأرقام عن فقدان ثلاثة ملايين عامل يمني فرص أعمالهم في مختلف القطاعات الخدمية والإنتاجية منهم 1.2 مليون موظف يمثلون 22 % من إجمالي قوة العمل بأكثر من 1.7 مليون عامل فقدوا فرص أعمالهم وفق التقارير الرسمية.

وتفيد تقارير «الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن» إلى أن 90 ألف عامل فقدوا فرص أعمالهم في القطاع الصناعي في اليمن منذ الانقلاب في سبتمبر 2014.

حياة عنوانها القسوة لم يقتصر الضرر على العمال في اليمن فحسب بل تعدى ذلك ليشمل مختلف الفئات والشرائح الاجتماعية خصوصا مع الانهيار الاقتصادي المتزايد وارتفاع سعر الدولار الى أرقام قياسية وانعكاس ذلك على مختلف السلع والمواد الغذائية الأساسية فضلا عن انقطاع المرتبات لنحو عام ونصف والذي كان له انعكاسات سلبية على الوضع في اليمن بشكل كارثي.

“حسين محمد” صاحب بقالة في صنعاء يؤكد أن الوضع انعكس على الجميع وبات الجميع يعاني ولم يعد أحد بمنأى عن هذه المعاناة ويؤكد: أنه كان يربح بعد كل 100 ريال بما يقارب 30 الف ريال والان لا تتجاوز أرباحه 10 الف ريال.

ويضيف “تخيل الان لا التاجر يرضى يدّيني ولا أنا أقدر أديّن المواطنين وهكذا لأن الجميع بات يخاف على حقوقه”.

مشيرا الى أن الضرائب التي تقوم بها المليشيات على التجار اضطرهم الى رفع الأسعار بأشكال قياسية وهذا كله يتحمله المواطن لأن التاجر في الأول والأخير يقوم بتغطية تكاليف النقل الذي يقوم بها من الخارج”.

الطبقة الوسطى:

الطبقة الوسطي التي تراجعت من 38 % إلى 12 % بسبب ارتفاع أسعار السلع والخدمات وتدني قيمة الأجور تلاشت تلك الطبقة منذ الانقلاب الحوثي على الدولة.

وبحسب التقارير المحلية فإن حاملو الشهادات العلمية كالمهندسين والأطباء والصيادلة والمعلمين والأكاديميين والعاملين في الشركات النفطية والذين تراوحت معدلات مداخيلهم الشهرية خلال السنوات الماضية ما بين 700 $ و1500 $ في المتوسط انضموا إلى نادي الفقراء والمعدمين بسبب تضرر بيئة الأعمال في البلد وتوقف نشاط كافة الشركات الأجنبية العاملة في المجال النفطي وغير النفطي نتيجة الانقلاب.

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق