نهاية البطل

عدن نيوز25 أبريل 2018
نهاية البطل
سلمان الحميدي
سلمان الحميدي

بقلم - سلمان الحميدي

يحكي الدرس الذي أخذناه في الصفوف الأولى بطولة فأر.
بالشعبي: هنجمة عكباري.

ومختصر القصة العالقة في أذهاننا، أن فأرًا أراد الدخول في قرن ثور، كان القرن ينصح الفأر أن لا يفعل. كنا قد استسغنا الأحاديث على ألسنة الحيوانات بصعوبة، من حكاية الثعلب الذي خدع الغراب وتركه يغني لتفلت الجبنة من منقار الغراب فيلتقطها الثعلب في لحظة انتشاء الغراب بصوته الناعق.

الغريب في “هنجمة العكباري” أن الثور لم يتكلم وإنما قرنه.

الفأر كان بطلًا ويفرغ ضجره على القرن.

من المعروف أن تجويف القرن يضيق كلما اتجه للأعلى، لكن الفأر كان يملك ثقة مفرطة بنفسه إلى درجة قدرته على ابتداع نظرية تمكنه من استيطان قرن الثور، ليس ذلك فحسب وإنما من المكان الأوسع وصولًا إلى أضيق نقطة، القرن ينصح ويسكت أمام محاولات الفأر الذي يدعي البطولة ويرى بنصيحة الآخرين انتقاصًا من بطولته.

“القرن وسخ.. لا يريدني الدخول بداخله”. لم ترد هذه الجملة بالطبع، ولكنها كانت لسان حاله كما هي حال الكثيرين الذين يتلقون النصح.

تصل خاتمة القصة إلى نهاية تهكمية من أبرع النهايات، أذكر أنها كانت على هذا الشكل تقريبًا:

“وأخيرًا.. اختنق البطل ومات”.

“ومات” لهذه الكلمة وقع لمن شاهد مسرحية الصعايدة وصلوا، بينما أحمد بدير يحكي عن شخص تعرض لحادث مأساوي وطلعت روحه، يستفسر الرجل: ومات!

وهي الكلمة التي تتردد في أفواه المخدوعين الذين يؤمنون ببطولة بعض الأشخاص حد التخليد، فعندما كان العالم يتحدث عن مقتل الرئيس صالح1 كان أشخاص يسألون: ومات؟!
وستجد من يسأل حين يسمع عن مقتل رئيس الحوثيين صالح2: ومات؟!

في هذه اللحظات تقريبًا يكون الذهن في حالة استحضار شجاعة بطله، الجراءة والإقدام التي أخرجته من مآزق شتى، وهي بتعبير قرأته يسمى “الصدمة نتيجة لا تصادفية الجهل”، بمعنى أن تكون النهاية خلاف المتوقع.
على سبيل المثال صالح حكم 33 سنة خرج من مآزقه كما تخرج الشعرة من العجين بل وأخفى وقتل وشرد معارضيه، كان مثالًا للقوة الباطشة بلا حدود، هل نصدق أنه مات؟

كان من المتوقع أن يفتح الفأر القرن، لتحثنا القصة على المحاولات، على قهر المستحيل، لكن وللأسف؛ الفأر اختنق وطلعت روحه.

ما أعجب قصص الحيوانات؟

في كليلة ودمنة يستنطق بيدبا الحيوانات ويصيغ الحكمة والوعظ من محاوراتها، لكن الحيوانات تسقط من مرتبة الحكمة في عمل جورج أوريل “مزرعة الحيوانات الثورية”، وهي إسقاط لحكم الآدميين وسلطتهم، تحديدًا “شمولية الشيوعية”، ولا أعرف تحديدًا معنى “شمولية الشيوعية”، غير أني اذكر استفسار أحد الحيوانات في اجتماع جدي قبيل الهجوم الوحشي على صاحب المزرعة أو بعده، إذ كان كبار القوم يرتبون للشكل المستقبلي لمزرعتهم كان أحدهم مشغولًا بذيل الحمار ولماذا خلقه الله وما الحكمة من وجود الذباب.

الذباب هو إشارة، في الغالب، لمن يراهم البطل الدعي هامشيون، وهم يوجدون دائمًا تحت مسميات مختلفة.

سوف تقتتل الحيوانات فيما بينها ويسيل الدم للركب وتنتهي بطولة المزرعة، لم يسمع أحد لنصح حكيم الحيوانات ظنًا منهم أنه قد شاخ وساوره الضعف والخرف.

ثمن الغرور دائمًا ما يكون باهظًا، في السياسة كما في الأدب، في الحرب كما في السلم، وعالم الحيوانات المصاغ هو عالمنا، فعندما كنا أطفالًا، عشنا لحظة انذهال عندما كان الكبار يقولون “الإنسان حيوان ناطق”، وطفقنا نتناقل هذي الحقيقة لين لداتنا ونقسم اليمين.

لذا كان من الطبيعي أن يدخل الفأر إلى الثلاجة، أن يتعفن بداخلها ولا يجد قطًا يفتح له، فضلًا عن تخشبه داخل قرن ثور.

* “المصدر أونلاين”

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
Accept