بقلم - فارس جرمل
ابن جرمل : هل تعرف مالذي جعل الحرب الأهلية بعد سقوط الرئيس سياد بري تستمر في الصومال قرابة ربع قرن حتى أصبح الصومال مضرب المثل في التمزق والضياع والصراع وكانت جثث الصوماليين تملأ شواطئ البحار من بحر الشمال إلى بحر العرب وهم يفرون من دوامة الموت ؟
– لا.
ابن جرمل : اختاروا أن يكونوا فصائل، وخاضوا الحروب على هذا الأساس، رفضوا أن يكونوا تحت جبهة اتحادية، أوحكومة شرعية واحدة فتقاتلوا كما هدد عفاش من طاقة إلى طاقة على أوسع نطاق ولم يعرفوا الاستقرار إلا بحكومة اتحادية تشكلت في 2012 م وبدأت تلملم شتات البلد وتستعيد سيادته المسلوبة وتقيم تحالفاتها بناء على مصلحة الشعب الصومالي.
هل تعرف لماذا لم يسقط الأسد خلال 7 سنوات خسر فيه السوريون مليون قتيل و 10 مليون شريد وترليونات في الممتلكات العامة والخاصة.؟
– لماذا؟
ابن جرمل : لأن خصوم الأسد قاتلوه كمليشيات وفصائل ولم يقبلوا أن يكونوا جميعا تحت قيادة موحدة شرعية تستمد شرعيتها من إجماع الفصائل الرافضة لحكم الأقلية الطائفية فلم يحترمهم لا الشعب و لا الخارج و عمل بعض العرب على تمزيقهم لغاية في نفوسهم تخدم عيال يعقوب .
هل تعلم لماذا لم تستقر ليبيا.؟
– لماذا؟
ابن جرمل : لأن هناك من نزع الشرعية من الحكومة المشكلة من الشعب بعد سقوط حكم الفرد ولأن هناك دول عابثة دعمت الفصائل و المليشيات لتفتت الشرعية فلم يصل البلد لأي نتيجة ولن يصل إلا بحكومة شرعية متفق عليها ونبذ الفصائل التي ترفض الانضواء تحت المظلة.
– ياراجل الشرعية اليمنية مهترئة.
فارس جرمل : الشرعية على علاتها الآن هي حجر الزاوية والنواة للدولة التي اختطفها الانقلاب وأي تحرر من الحوثيين دون بسط نفوذ الشرعية كارثة أكبر من الحوثيين أنفسهم شئنا أم أبينا.
لولا الوجود الرمزي للدولة في عدن لسال الدم للركب بالبطاقات الشخصية و نحن نرى عواقب اضعافها و تفريخ الجماعات التي ترفض شرعيتها وتتلقى أوامرها من الخارج.
تعز ومع الغياب الجزئي للدولة ممثلة بالمحافظ سابقا تعيش فوضى ولولا وجود قيادة موحدة للجيش لوقعت مجازر و إذا حاول المحافظ الجديد السير في طريق دعم وجود قوى خارج الأطر الشرعية فسيجعل تعز بنغازي أخرى.
يجب أن نعي أن كل خلاف بين مكونات الشرعية مقبول ومفهوم ويمكن تجاوزه ولكن إذا تم إنشاء كيانات جديدة ليست داخل الأطر الشرعية فتلك الطامة، يجب أن يبقى الصراع ضمن الثنائية المعروفة،شرعية وانقلاب مالم فذاك أول ثقب في جدار السد.
صنعاء متماسكة لأن لها حكومة الكل ينساق لها رغم الظلم والجور لسببين أولهما النموذج السيء للمناطق المحررة التي أفشلت من خلال تقويض سلطة الشرعية مما حدا بالناس إلى احترام نموذج صنعاء و السبب الثاني أن السلطة هناك تفرض هيمنتها وتحارب الشرعية بجسد متماسك وضربت بيد من حديد محاولة صالح الخروج عن الإطار الذي رسمته. قل عن مأرب شيئا مماثلا.
– يعني نقمع الإصلاح في تعز ونرتاح.
ابن جرمل : إذا افترضنا أن الإصلاح هو عامل توتير في تعز فما دوره في الجنوب؟ تقريبا معدوم. المتمرد ليس الذي يرفض وجود كيانات غير شرعية وكيانات دخيلة على الجسد المقاوم للانقلاب، المتمرد هو من يريد تفريخ مليشيات ونخب قبلية ومناطقية وجهوية و فئوية تجعل من محافظة مثل شبوة فيها نخب بعدد القبائل الرئيسية وكلها لاتتبع قيادة موحدة مرتبطة بالسلطة الشرعية بل ربما تمنع الشخصيات المعينة من السلطة من القيام بمهامها.
خلاصة ما نريده هو أن محاربة الحوثيين ليس للانتقام وليس لتحقيق نصر لنشفي صدورنا منهم وليس لأنهم هاشميين ولا لأنهم رافضة بل لإعادة الدولة التي اختطفوها ولا تعاد الدول بالفصائل والمليشيات بل بكيان دولة جاهزة ولو كان فيها الكثير من العيوب. من يرفض هذه الشرعية إنما يحكم على حلم استعادة الدولة بالضياع وتفرق دمها ببن الفصائل .