بقلم - جاسر عبدالعزيز الجاسر
يُصاب رؤساء الأنظمة الذين وصلوا إلى حكم بلدانهم عبر الانقلابات العسكرية، أو عبر تفاهم مع مدبري تلك الانقلابات، بعد أن يفقدوا تلك المناصب، إما عبر انقلابات عسكرية مشابهة، أو بعد أن يتمرد عليه أصحابه وشركاؤه في الحكم، أو يثور عليه شعبه، بعد أن يصلوا إلى درجة يصبح استمرار حكمه دماراً للبلاد وانهياراً لها. ولهذا يتم التخلص منه، إلا أن الواحد من أولئك الرؤساء الذين وصلوا للحكم عبر مسيرة دموية وبطريقة غير شرعية لا يرضخ لإرادة الشعب ويصور له سلوكه الشائن وتفكيره المتسلط أنه قادر على فرض إرادته حتى وإن اضطر إلى عقد تحالفات مع من كان يحاربهم في مراحل سابقة من فترات حكمه.
هذا السلوك الذي يلجأ إليه عادة حكام الأنظمة المتسلطة والدكتاتورية، منها دول عربية وفي أمريكا اللاتينية وإفريقيا وآسيا هو ما يقوم به الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح، الذي وبعد أن أجمع الشعب اليمني على لفظه والتخلص من حكمه، تحالف مع أعدائه وأعداء اليمنيين الحوثيين، ودبر معهم انقلاباً قام به جماعة من الضباط الذين تخلوا عن شرف خدمة وطنهم وسقطوا في فخ الولاء لرئيس دكتاتوري بسبب ما يقدمه لهم من رشاوى مالية ليقوموا بتسليم معسكرات الجيش اليمني للحوثيين الذين يسعون إلى إعادة اليمن إلى حكم الإمامة، ولكن بروابط طائفية مع ملالي إيران.
ولأن ما بُني على خطأ لابد أن تكون نتيجته خطأ آخر، ولأن طرفي الانقلاب في اليمن كل له أطماعه وأهدافه التي لا تتوافق مطلقاً مع أهداف الشعب اليمني، فقد بدأت الخلافات تظهر بين الطرفين منذ الأيام الأولى رغم محاولات التكتم عليها، والتي لم تلبث أن ظهرت على السطح إلى درجة وصلت إلى التصفيات الجسدية لكبار القياديين في مليشيات الحوثيين وفلول الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، مع رصد الكثير من التجاوزات من قبل الطرفين وصلت إلى حد الاعتداءات والضرب، حتى ممن يشغلون مناصب في الحكومة التي شكلها الانقلابيون، والتي لا تحظى بأي قبول شعبي، ولا تعترف بها أي دولة سوى ملالي إيران.
والحوثيون الآن يتهمون جماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح بمسؤولية تصفية وقتل أحد قادة مليشيات الحوثيين مسؤول القطاع الجنوبي للعاصمة صنعاء، فيما قام الحوثيون بالاعتداء على وزيرة حقوق الإنسان في حكومة الانقلاب، بعد ضربها بأعقاب البنادق، ونتيجة لذلك قدمت الوزيرة في الحكومة الانقلابية علياء الشعبي استقالتها، وتأتي استقالة الشعبي بعد استقالة وزير التخطيط في نفس الحكومة ياسر العواضي المحسوب أيضاً على جماعة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي تحاصره مليشيات الحوثي، وتتعمد الإهانة والإساءة إلى من يقودون أنصاره ممن تبقى من حزب (المؤتمر الشعبي العام) والضباط الذين لا يزالون يوالونه، وهذا ما جعل علي عبدالله صالح يستنجد بملالي إيران معلناً تحالفه معهم، وهو الذي ظل ولوقت قريب يرفض الإقرار بذلك، مؤكداً انحداره الأخلاقي وإفلاسه السياسي.
*صحيفة الجزيرة