يبدو أن خارطة الصراع في الشمال باتت أكثر وضوحا، في أعقاب تسمية الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قائدين جديدين لقيادة المنطقتين العسكريتين الخامسة والسادسة، وهو ما يشير إلى أنها ترسم خارطة نفوذ جديدة، وتصيغ ترتيبات تحمل أكثر من معنى. وفقا لمراقبين.
وكان الرئيس اليمني قد أصدر قبل يومين قرارات بتعيين العميد يحيى صلاح قائدا للمنطقة الخامسة، ومقرها الحديدة (غربا)، وتضم محافظة حجو (شمال غرب)، والعميد هاشم الأحمر وهو نجل أحد أقطاب الحكم المؤثرة في البلاد، الشيخ الراحل عبدالله بن حسين الأحمر، قائدا للمنطقة السادسة، ومركز عملياتها مدينة عمران (شمالا)، وتضم إلى جانبها محافظتي الجوف وصعدة معقل الحوثيين.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن القرارات تلك يمكن قراءتها في اتجاهين؛ الأول، في إطار الترتيبات لعملية عسكرية ضد الحوثيين، والثاني، لتطويق تحركات الإمارات في الشمال، التي بدأتها في الساحل الغربي، من محاولتها الدفع بطارق صالح، الذراع العسكرية لعائلة الراحل علي عبدالله صالح، للقتال باتجاه مدينة الحديدة الساحلية.
كما أن هذه القرارات مؤشر على قرارات قادمة قد تعيد ترتيب المعادلة في الشمال، في حراك مضاد لمساع إماراتية بإعادة إنتاج عائلة صالح بعيدا عنها.
ومن المتوقع أن يجري تعيين الأخ غير الشقيق لصالح، علي صالح الأحمر، الذي فر في كانون الأول/ ديسمبر الماضي إلى مأرب (شمال شرق) وأعلن تأييده لهادي وشرعيته، في منصب عسكري يرجح أن يكون في قيادة قوات الاحتياط التي تصنف قوات الحرس الجمهوري سابقا ضمن هذا التشكيل، أو في قيادة المنطقة العسكرية السابعة التي تضم صنعاء ومحافظات ذمار وإب والبيضاء شمال ووسط البلاد.
كما أن البعض ذهب إلى أن تعيين هاشم الأحمر جاء ردا على محاولات الإمارات إعادة إنتاج عائلة صالح عبر إنشاء معسكرات تدريب لتجميع الموالين له من بقايا الحرس الجمهوري والأمن المركزي، والدفع بهم إلى جبهات القتال بعيدا عن الشرعية.
تقاسم نفوذ
وفي هذا السياق، يرى الخبير اليمني في الشؤون الأمنية والعسكرية، علي الذهب، أن الأمر لم يعد متعلقا بحالة التنافر القائمة بين هادي والإمارات فحسب، بل بتقاسم النفوذ في الشمال بين حلفاء السعودية وحلفاء الإمارات، وهذا ما يفسر جانبا من هذه التعيينات.
وتابع الذهب حديثه لـ”عربي21″ قائلا: أما الجانب الآخر، فيتعلق بتداعيات أحداث ديسمبر (لمواجهات بين الحوثيين وقوات صالح في صنعاء مطلع كانون الثاني/ ديسمبر 2017، والتي انتهت بمقتل الأخير)، وما فرضته من إعادة ترتيب لديناميات الصراع الداخلي.
وفقا للخبير اليمني، فإن هنالك تأثيرات كثيرة على مختلف ديناميات الصراع، في الأدوار العسكرية والسياسية، وفي التأثير على موقف الحوثيين الذين قد يستفيدون منه كثيرا بفعل التجاذبات الحادة بين خصومه.
استدعاء لخصوم
من جهته، اعتبر رئيس تحرير صحيفة الوسط اليمنية (أسبوعية)، جمال عامر، أن قرارات هادي العسكرية تمثل استدعاء لخصوم صالح الممثل اليوم بطارق صالح، حين أصدر قراره بتعيين هاشم الأحمر قائدا للمنطقة السادسة.
وقال في حديث لـ”عربي21″ إن “هادي يستعين لمواجهة أبو ظبي بنائبه علي محسن وحزب الإصلاح الذي يخاطر بمواجهة كهذه باعتبار الموقف الدولي الرافض لقيامه بلعب أي دور محوري في مستقبل اليمن”.
وأضاف عامر أن هذه القرارات تتحدى الإمارات، اللاعب الأساس في الميدان، إلى جانب السعودية، التي لا يمكن أن تضحي بحليفتها من أجل تحالف تكتيكي ومرحلي مع حزب هو جزء من التنظيم الدولي للإخوان الذي تعده حكومتها حزبا إرهابيا.
وأشار إلى أن “تعيين مسؤول الجناح العسكري للإخوان (الإصلاح) في تعز وإب، كمستشار لقائد محور تعز، وترقيته إلى رتبة عميد، على الرغم من عدم علاقته بالسلك العسكري، يعدّ دلالة واضحة على مواجهة الحضور العسكري الإماراتي في محافظة تعز”، على حد قول عامر.
يذكر أن حزب الإصلاح أعلن نفيه وجود أي ارتباط بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، مؤكدا أنه حزب سياسي يمني.
وأكد رئيس تحرير صحيفة الوسط المحلية أن “الإمارات تستعد عسكريا للتصفية مع حزب الإصلاح الذين بدأوا يتحولون لكيان عسكري كبير في مأرب والجوف، ويريدون أن يلحقوا بهما تعز، بعد إقصائهم من محافظات الجنوب، وبالذات عدن”، على حد قوله.
وبحسب الصحفي عامر، فإنه استنادا إلى قرارات هادي فإن الرياض تحتاجه لإمضاء حربها، وبالتالي فهي تبدو أقرب للحياد في معركة تحولت من العسكري إلى السياسي.
ومن ضمن القرارات التي اتخذها الرئيس هادي، تعيين اللواء إسماعيل زحزوح قائدا لقوات العمليات الخاصة (القوات الخاصة أو ما يعرف بالنخبة)، والتي تقع معسكراتها ومقر قيادتها في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.