بعد شهر على مقتل الرئيس اليمني السابق، يشدد المتمردون الشيعة الذين يسيطرون على الكثير من المناطق في شمال اليمن، من قبضتهم (على السلطة) مستهدفين اي جهة يشتبهون في انها تعارض حكمهم.
وبحسب سكان محليين فإن المتمردين المعروفين بالحوثيين والذين يعتقد بولائهم بشكل كبير لإيران، ضاعفوا من نقاط التفتيش حول العاصمة كما يقوم مقاتلو الجماعة الحوثية بتفتيش الهواتف الخلوية بحثاً عن صور للرئيس السابق صالح أو منشورات مجموعات الدردشة ومواقع التواصل الاجتماعي من تلك التي تنتقد الحوثيين أو تُحيي ذكرى صالح.
وبحسب محللين سياسيين وقادة في المؤتمر الشعبي العام فقد تم اعتقال مئات الاشخاص من ضمنهم صحفيون يعتقد بتعاطفهم مع صالح إضافة الى مسؤولين في حزبه المؤتمر الشعبي العام، كما انه تم اعدام أو اغتيال بعض الموالين لصالح وحزبه حيث يواصل الحوثيون مهاجمة واقتحام منازل اقرباء صالح ومؤيدين آخرين.
ويقول عادل الشجاع القيادي في حزب المؤتمر “السجون تمتلئ حاليا بقادة الحزب (المعتقلين)، وهناك الكثير من الاعتقالات والاعدامات الغير قانونية التي تتم بشكل سري”.
يذكر ان الشجاع كان قد فر من اليمن ووصل مؤخرا الى العاصمة المصرية القاهرة بعدما حكم عليه الحوثيون بالإعدام -حسب قوله- أما اسرته فلاتزال مختبئة (خوفا من الحوثيين).
وأضاف الشجاع “لاتزال عائلتي في اليمن وهم في خطر وقد ذهب الحوثيون الى منزلي بحثاً عنهم ولكنهم لم يعثروا عليهم”.
وقد أصر مسؤول حوثي رفيع على أنه لم يتم استهداف المؤتمر وأن الحوثيين وحزب صالح لا يزالان شركاء. حيث قال ضيف الله الشامي عضو المكتب السياسي للحوثيين “المؤتمر ليس صالح” وأضاف “جميع اعضاء حزب المؤتمر يقومون بأعمالهم بصورة طبيعية”.
وقد ترتب على حملة القمع الحوثية تداعيات قاسية على المجتمع اليمني حيث رفعت اسعار الغذاء والوقود إضافة الى سلعٍ غذائية رئيسية في ظل أزمةٍ إنسانية متزايدة في افقر بلد ٍ في الشرق الأوسط، حيث قد تصعب القبضة المتعمقة للحوثيين من (جهود) التوسط لصفقة ٍلإنهاء الحرب الاهلية التي مضى عليها ثلاثة أعوام تقريباً.
ويقول المحلل السياسي والمحامي وضاح المودع “أصبح المشهد السياسي في اليمن أكثر تعقيداً بعد مقتل صالح فقد تقلصت فرص السلام حالياً حيث هناك لاعبٌ واحدٌ فقط يسيطر في الداخل والمتمثل في الحوثيين الغير معترفٍ بهم دولياً”.
وبدأت الحرب في اليمن في آذار/مارس 2015 بعد ان تسبب الحوثيين بمغادرة الرئيس عبد ربه منصور هادي من العاصمة صنعاء الى المنف، وبعد عزل هادي، قادت السعودية التي تخشى إرتباطات الحوثيين بإيران تحالفا يضم دولاً إقليمية لإعادة هادي إلى السلطة
وقد تولى هادي الرئاسة عندما أنهت الثورة الشعبية عام 2011 -كجزء من الربيع العربي – حكم صالح بعد 33عاما في السلطة.
غير ان صالح بقي مع ذلك في اليمن وشكل تحالف قائما على المصلحة مع الحوثيين- الذين سبق ان شن ضدهم ستة حروب -معيدا بذلك نفسه وحزبه المؤتمر الى الواجهة السياسية.
وتسبب الصراع الجاري في اليمن بخسائر بشريةٍ فادحة حيث قتل قرابة 10 الاف شخصٍ على الاقل معظمهم في غارات للتحالف الذي تقوده السعودية حسب الامم المتحدة كما ان ملايين اليمنيين يواجهون خطر المجاعة أو يقبعون تحت قبضة وباء الكوليرا.
وقد ازدادت الازمة سوءاً في نوفمبر عندما اعترضت السعودية صاروخاً بالستياً استهدف العاصمة الرياض. وكرد فعل ٍعلى ذلك فقد وسعت السعودية حصاراً بريا ًوبحرياً وجوياً (على اليمن) مما تسبب في منع الإمدادات الإنسانية من دخول اليمن.
وقد تم رفع الحصار مؤخراً في الشهر الماضي جراء إدانة ٍدولية ٍواسعة من ضمنها انتقاد ترامب-الذي نادراً ما كان يحدث- للسعودية بشكل علني.
التصدعات بين الحوثيين والمواليين لصالح برزت منذ بداية العام 2016، وفي بداية ديسمبر بعدما تحول صالح علنياً ضد حلفاءه الحوثيين، قتل مسلحو الحوثيين صالحَ ووزعوا مقطع فيديو يظهر جثته، حيث توقع العديد من المحللين حدوث اضطرابات أكثر جراء الحادثة.
حتى الان يبدوا أن أعداء الحوثيين في المنطقة وفي مقدمتهم السعودية والامارات، لم يستفيدوا من مقتل صالح.
وفي الوقت الذي ازدادت فيه عزلة الحوثيين فقد زادت سيطرتهم حيث استولوا على وزارت، رئيسية عديدة والتي كان يرأسها مسؤولون في المؤتمر الشعبي العام بما فيها المناصب الأمنية.
في غضون ذلك تشظي المؤتمر الشعبي العام، فبينما فر عادل الشجاع وقيادات بارزة في الحزب الى خارج البلاد خوفاً من الاعتقال أو القتل، بقي البعض الاخر وقرروا العمل مع الحوثيين.
وقال هشام شرف، وزير الخارجية والمسؤول في حزب المؤتمر “لا أنا ولا أياً من المسؤولين البارزين في المؤتمر تحت الاقامة الجبرية” من قبل الحوثيين، كما قال ان لديه الحرية للعمل وأضاف “لانزال أخوة وبمقدورنا معاً ان ندير هذا الوضع” في إشارة للحوثيين.
غير أن الشجاع ومسؤولين آخرين في المؤتمر قالوا بأن “عدداً صغيراً جداً” من اعضاء الحزب انضموا للعمل مع الحوثيين. كما قالوا بأن الغالبية العظمى من أولئك الذين بقوا في صنعاء، يعتبرون العلاقة بين كلا الطرفين (المؤتمر والحوثيين) قد تضررت بشكل لا يمكن إصلاحه.
وقد قال عضو في المؤتمر اشترط عدم الكشف عن هويته خوفاً على سلامته “الان أصبحنا نخشى ان نتكلم بحرية. هذه المليشيات تتغذى على القتل ونشر الخوف والفوضى وليس لديهم أي اجندة سياسية. إن لم تكن معهم فأنت عدوهم، فكيف يمكن الوثوق بهم؟ هم لا يؤمنون بالشراكة”.
وأيضاً يقول سكانٌ ان الشعور بالخوف يسري في شوارع صنعاء حيث قاموا بحذف اي رسائل أو صور قد تعرضهم للخطر من هواتفهم المحمولة خوفاً من توقيفهم وتفتيشهم من قبل النقاط الحوثية، كما اختفت صور صالح التي كان معتاداً وجودها في أي مكان في المحلات وعلى الجدران والسيارات.
وحتى وقت قريب، كان اليمنيون غالباً ما يتحدثون في السياسة بشكل صاخب عند تجمعهم في المساء اثناء جلسات القات، المادة المخدرة الورقية المفضلة لدى العديد من اليمنيين في اليمن. أما في الوقت الحالي يتخوف البعض من مناقشة أي شيء مثيرٍ للجدل حتى داخل منازلهم. الحوثيون ايضا قاموا في مناسبات عديدة بحجب الانترنت بالإضافة الى حجب بعض مواقع التواصل الاجتماعي.
وقد احتل مسلحو الجماعة الحوثية المنزل الرئيسي لصالح في العاصمة، أما الحي الذي يقع فيه مع كل الجيوب المجاورة فقد تم تقطيعها وتغطيتها بحواجز رملية -في محاولةٍ على ما يبدوا للحماية من هجوم الموالين لصالح.
كما غير الحوثيون تسمية المسجد الضخم الذي يرتفع في العاصمة والذي بناه صالح وسمي باسمه -وأطلقوا عليه اسم جامع الشعب حيث يتجمع الحوثيون فيه بعد صلاة الجمعة ويرددون شعاراتهم.
ويقوم السكان الميسورين حالاً في صنعاء بتخزين الغذاء في حالة اندلاع مواجهات بين أنصار صالح والحوثيين.
ويحاول القيادي المؤتمري عادل الشجاع العثور على طريقة لإخراج عائلته من اليمن حيث يطاردهم الحوثيون حسب تعبيره حيث قال “لايزال الحوثيون يراقبون المكان الذي اسكن فيه”.