بقلم - محمد سعيد الشرعبي
الكتابة حياة وليست مهنة، وأساسها الحرية، ويكون للحرف معنى وللعبارة أثر إيجابي حين يعبر الكاتب عن هموم ذاته ومجتمعه في واقع طبيعي وبطريقة إبداعية تحترم القارئ.
لكل كاتب طريقته في التعبير عن آرائه وأفكاره، والحديث عن خلاصة تجاربه حين يتوفر شرط الحرية، وتكون الكتابة فعل انتحار عندما تقمع حرية الرأي، ويضيق الخناق على الكُتاب.
أكثر الكُتاب يتجنبون الصدام مع السلطات، و يتخلون عن حرياتهم مقابل الأمان والعيش بعيداً عن الرقابة الأمنية، وقلما تجد من يقاومون بالقلم لأجل الإنتصار لحقوقهم، أولها، حرية الرأي والتعبير.
لحرية الرأي ثمن في الظروف العادية، والثمن الفادح يدفعه الكاتب حين يعارض سلطة قامعة، ويتحدث عن مواقفه أو يعبر عن هموم وتطلعات مجتمعة في زمن الحرب.
بعد ثلاث ثورات تاريخية ونصف قرن من الجمهورية، وقعت بلدنا اليمن وسط جحيم الحرب، وقمعت سلطة الأمر الواقع حرية الرأي، وباتت الكتابة أكثر من فعل إنتحار.
عامان من الحرب، والتشرد، وإنعدام فرص الحياة، غيرت من قناعات المجتمع، وكبلت هذه الظروف الصعبة حرية الكاتب، وجعلت منه هدفاً للأوغاد، ولهذا خفتت الأصوات المنحازة للإنسان، وتنمر المستفيدون من كوارث البلاد.
وتتضاعف المأساة يومياً لدى الكُتاب الأحرار الذين آمنوا بالشعب، ولم ينتموا لحزب/جماعة/طائفة، وهذا يجعلهم في مواجهة أعداء الحياة وقامعي الحريات على اختلاف توجهاتهم في بلد تعيش وسط الجحيم منذ زمن.
وفي ظل الحرب أصبح المفسدون والقتلة أصحاب سلطة، وبات الكاتب هدفاً لأي عصابة أو جماعة، ومن الطبيعي عزوف صُناع الرأي الحقيقيين عن الحديث في الشأن العام كونهم أكثر نخب المجتمع عرضة للخطر.
هناك قلة كُتاب في الداخل يحضون برعاية وحماية ولديهم هامش حرية أكثر من غيرهم، ويعبرون عن أرائهم بشكل متخفف من ضغوط الواقع و مخاوف/هواجس تعرضهم للقمع والتنكيل من هذا الطرف أو ذاك.
على أية حال، تظل الكتابة بحرية وسط جحيم هذه الحرب مغامرة كبرى، بل تجعل من حياة الكاتب في مهب أنتقام عصابات الفتك بالحريات وقمع أي صوت معارض لا يسبح بحمد القتلة واللصوص.