بقلم - راجي عمار
تفآئل الجميع بعد نزول الرئيس هادي الى العاصمة المؤقتة عدن وحكومته برئاسة احمد عبيد بن دغر وتعيين الدكتور عبدالعزيز المفلحي محافظًاً لها ، واستبشر الجميع بعودة الدولة ومؤسساتها الحكومية ومطارها الدولي الذي يعتبر النافذة الوحيدة القريبة لاستنشاق الهواء الذي انتظره الجرحى والمرضى والمغتربين عله يستطع نقلهم لعلاج جراحهم وعودة مغتربي اليمن في الخارج لرؤية اهاليهم وأبنائهم خاصة مغتربي الدول الاوروبية وامريكا .
نعم تحررت عدن من قبضة مليشيا الحوثي والمخلوع لكن حبل التحرير لازال بقبضة أيادٍ خارجية ملفوفاً على عنق المدينة تبسطه حيث تشاء وتخنقها وقتما تريد ، تبدو الرؤياء واضحةً تماما لكل اليمنيين شمالا وجنوباً ، نُخباَ وعامة ، ما يحدث في عدن مؤشر خطير لحرب أهلية تلوح في الأفق يراد لها ان تشتعل لتحرق الجميع .
قصص وأساطير يحكيها مسافرون يتقاطرون الى عدن لقضاء مصالحهم من كل المداخل بما يلاقوه من حزامها الأمني ونقاط التفتيش الخاصة والتابعة لهاني بن بريك المدعوم إماراتيا ، تنتزع منهم يمنيتهم انتزاعاً ، امتهانات تلكم النقاط وتلكؤها بانتهازيةٍ مفرطة وطلب هوياتهم وإمعان النظر في مناطقهم المنحدرون منها ، بعد ذلك يتم ايقافهم لفترات تتفاوت كلاً حسب منطقته لتصل ما بين ثمان الى عشر ساعات ، وبعضهم يتم إعادتهم من حيث أتوا بعد تكبدهم مشقات سفر بمئات الكيلومترات ، ناهيك عن الفاظهم الجارحة ، ليصبح المواطن اليمني بين سندانين اخفهما وزناً قاتل ، مليشيا انقلابية سلالية تطاردهم وتحول دون ارزاقهم وقوت أطفالهم وتفجر منازلهم في الشمال والوسط ، وبين فصائل الحزام الأمني تمنهم من التحرك وتقف سداً مانعا أمامهم في الجنوب . وطرف ثالث وهو الشرعية يقف موقف المتفرج دون أن يحرك ساكناً ينبئ عن شلله التام حيال كل ذلك .
هناك خيط خفي وعلاقة فيزيائية بين مليشيا صنعاء وحزام عدن وقيادتهما يستقي من ذات الصدر الملعون الممتلئ بلبنٍ مسموم هدفه تسميم اليمن شمالاً وجنوباً يسلب منه الحياة لتذبل أزهاره ووروده ، وللأسف بأيدٍ يمنيةٍ تعشق الهدم وتكره البناء وتعبد الدراهم . ويؤكد ذلك ما حدث من اعتقالات لنشطاء موالون للشرعية قٌبيل احتفالات مليشيا الحوثي بثورتهم المزعومة 21سبتمبر في صنعاء ،وما يحدث اليوم من اعتقالات لقيادة وناشطي حزب الإصلاح في عدن واقتحام مقراته وإحراقها عيانا ، بعد تصريح مباشر من مدير أمن عدن يثير العديد من التساؤلات ، تزامناً مع ثورة 14من اكتوبر المجيدة، تماماً كما حدث بعد يوم 21 سبتمبر المشؤوم في صنعاء مما يظهر نفس السيناريو وكأن أنامل المخطط على مٍكسر الكنترول هي ذات الأنامل والمستهدف هو ذاته في الحالتين . ثمة أطراف مخفية مخيفة تدير تلك الأمور وخيوطها المتشابكة تشعرك كمراقب للأحداث أن لا طريق لحلحلة تشابكها مهما بلغت فيك حدة الذكاء والبديهة .
اعتقال لقيادة ونشطاء من خيرة أبناء عدن وبشهادة الجميع ، ولأشخاص كانوا في مقدمة صفوف المقاومة في المدينة لمواجهة تتار العصر من مليشيا الحوثي والمخلوع مذ عامين ونيف ، لاقت إستياءً وتذمراً واسعًين في الأوساط اليمنية والأحزاب السياسية ، فيما كان من قام باعتقالهم مختبئاً لا أثر له حينها إن لم يكن في صف ذات المليشيا وداعماً لها .
معادلات صعبة وخيوط مؤامرة تديرها وتنفذها قوى بأجندات تحمل أحقاداً قد تعصف باليمن بأكمله وتجر مدينة عدن خاصة الى حرب اهلية تشب نيرانها حتى يكون من الصعوبة بمكان محاولة إطفائها ، والعجيب في ذلك موقف قيادة التحالف و الشرعية كمراقبين للأوضاع من بعيد ، وكأن الأمر لا يعنيهم لا تدري هو تساهلاً أو إملاءات وضغوطات خارجية ، متناسيين أن النار ستصل الى المنطقة الإقليمية برمتها ، والغول الإيراني المدعوم امريكياً ينتظر الفرصة للانقضاض ولن يستثني أحداً .
تعالت اعناق اليمنيين وتطاولت لرؤية عودة الدولة ومؤسساتها في المناطق المحررة علٌها تتنفس الصعداء للهروب من جحيم تعيشه تحت الضيم والقهر والبؤس ، لتتفاجأ بدخولها في جحيم لاتقل ضراوة نيرانه عن سابقه وقد تزيد ، “كالمستجير من الرمضاء بالنار ” .
رسالتنا لقيادة التحالف والرئيس هادي وحكومة بن دغر وقيادة الجيش الوطني الشرفاء ، سرعة إتخاذ مواقف صارمة توقف كل هذا العبث في العاصمة المؤقتة عدن قبل أن يخرج الامر عن السيطرة ونتائج قد لاتحمد عقباها ، وتساؤلنا الذي لم نجد له جواباَ :
عدن إلى أين ؟!!
نقلا عن مسند للأنباء