لبنان بلا دراما محلية، بعد هروب المنتج اللبناني إلى الشراكة مع محطات ومنصات خليجية والعمل على إنتاجات عربية. إذ للسنة الثانية على التوالي، تغيب الدراما اللبنانية عن الشاشات الصغيرة، فبعد انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول 2019، تحولت البوصلة إلى الدراما العربية المشتركة، وتوقفت عجلة الإنتاج اللبناني التي أسست لها بعض المحطات اللبنانية قبل سنوات وكسبت عبرها نسبة مشاهدة عالية.
تؤكد معظم شركات الإنتاج اللبنانية التي عملت لسنوات ماضية أن الوضع الاقتصادي في لبنان لا يسمح لها بدخول مغامرات إنتاج جديدة. كان من المفترض أن تقدم قناة “أم تي في” اللبنانية، في فترة عطلة رأس السنة، مسلسلاً جديداً، لكنها طوت الصفحة هذه السنة، بسبب الضائقة المالية التي تشهدها البلاد، وعدم القدرة على دفع أجور الممثلين، وذلك بعد تجربتي “أم البنات” في 2019 و”ع إسمك” في 2020. العملان المذكوران من كتابة كلوديا مرشليان وإخراج فيليب أسمر. وبحسب مصدر متابع، فإن “أم تي في”، بالاتفاق مع شركة الإنتاج التي كانت مكلفة بالعمل، ألغت قرارها، بعد أن وضعت خطة سنوية لتقديم أعمال خاصة بفترة إجازة عيدي الميلاد ورأس السنة.
في الوقت نفسه، انتهى قبل أسبوع عرض المسلسل اللبناني “دور العمر” على منصة “شاهد”، وهو عمل من عشر حلقات والقصة لناصر فقيه وإخراج سعيد الماروق. حقق “دور العمر” نسبة مشاهدة جيدة على منصّة “شاهد”، وللمرة الأولى يحقق مسلسل لبناني بالكامل هذا النجاح، إذ هناك إجماع على القصة والأداء واستغلال الماروق لخبرته في إطار لم يخل من التشويق. كما حقق المسلسل أعلى نسبة بحث على محرك “غوغل”، خلال ثلاثة أسابيع من العرض.
السؤال اليوم هو: هل تفتقر شركات الإنتاج اللبناني إلى اختبار آخر يتساوى مع قصة أو طرح أو معالجة مسلسل كـ “دور العمر” يستوفي الشروط الدرامية؟ الجواب برسم عامل الثقة الذي يقر به المنتج اللبناني بداية، فإما أن يقدم عملاً لبنانياً سيئاً لا يستوفي أدنى الشروط، ومع ذلك ينال نسبة مشاهدة عالية محلياً، وينفذ بميزانية بسيطة جداً، وإما الاتجاه إلى إقناع الشريك الخليجي بالقصة والسيناريو وفريق الممثلين للاستثمار الناجح، تماماً كما حصل بين شركة “روف توب” وبين مجموعة “أم بي سي” في “دور العمر”، وهذا يعني حرمان الشاشات اللبنانية المحلية من العرض الأول، وفقاً لسياسة المنصات والحصرية التي تتبناها في اتفاق الشراكة.
وما هو مصير الممثل والكاتب والمخرج اللبناني في ظل الأزمة؟ وضعت سنوات التعاون في الأعمال العربية المشتركة القاعدة الجديدة لتبادل الخبرات بين اللبنانيين والعرب في الإنتاج الدرامي.
هكذا، يتجه الكاتب اللبناني اليوم إلى شركات الإنتاج العربية، كما هو حال اللبنانية كلوديا مرشليان ونادين جابر ووليد زيدان وغيرهم. مرشليان مشغولة حالياً بكتابة الجزء الثاني من مسلسل “للموت” مع المخرج فيليب أسمر الذي طلّق هو الآخر الأعمال اللبنانية، واتجه إلى الأعمال المشتركة، ومنها “للموت”، وقريباً يبدأ بتصوير عمل درامي ضخم عنوانه “عرابة بيروت”، وهو مؤلف من 60 حلقة. كما يعمل أكثر الممثلين اللبنانيين في الأعمال المشتركة إلى جانب جيل آخر لا يزال في بداياته بعيداً عن الإنتاج اللبناني البحت.