هاني بن بريك.. نكرة الإرهابيين الذي تحول لأكبر أمراء الحرب في اليمن

26 يوليو 2021
هاني بن بريك.. نكرة الإرهابيين الذي تحول لأكبر أمراء الحرب في اليمن

بلحيته الكثة وسحنته المنفرة وتقلبات مواقفه من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار طوال مراحل حياته، يمثل الشيخ السلفي اليمني هاني بن بريك الصورة الأكثر وضوحاً لتاجر دين لم يكن قبل الحرب الحالية في اليمن شيئاً مذكوراً، فأصبح بين عشية وضحاها أميراً من أمراء الحرب، وأحد أكبر المستفيدين منها، على مستوى النفوذ والسلطة والمال.

ومؤخراً عاد الشيخ المتشدد بن بريك والذي يتلقى دعماً هائلاً من الإمارات لإثارة الجدل مجدداً، مطلقاً هذه المرة فتوى جديدة تستبيح دم جنود الجيش الوطني التابع للحكومة اليمنية، ومشدداً بأن “قتلهم من الأعمال الصالحة”.

وقال بن بريك، في تغريدة له على حسابه في تويتر، إن “من أعظم الأعمال الصالحة أيام العشر من ذي الحجة هو قتل جنود جيش الحكومة اليمنية”.

وزعم بن بريك أن من سماهم بالإخونج -في إشارة للقوات الحكومية- “معسكراتهم في شبوة يدربها إخونج (جماعة الإخوان المسلمين)”.

وأضاف أنه إذا كانت لدى القوات الحكومية فتوى إخوانية فلدى جماعته فتوى ربانية.

ووفقا لقوله، فإن “الإخونج خوارج العصر، مقاتليهم وسياسييهم”، مؤكدا فتواه لمليشيات الانتقالي بمواجهة القوات الحكومية في شبوة والجنوب، من منطلق أن تلك المواجهة “دين وعبادة”.

وليست هذه المرة الأولى التي يخرج بها بن بريك بفتاوى تكفيرية، فقد أصدر قبل أشهر فتوى مماثلة واصفاً دم جنود الجيش الوطني بـ “دم حنش”.

من هو هاني بن بريك؟

حتى العام 2015م،  وهو العام الذي انطلقت فيه عملية عاصفة الحزم العسكرية في اليمن بقيادة السعودية، لم يكن بن بريك معروفاً على الساحة المحلية، إلا أن معلومات كشفت عنها وثائق صحفية سابقة أكدت بأن بن بريك لم يكن في بداية حياته متطرفاً فكرياً فقط، وإنما عضواً أصيلاً في تنظيم أنصار الشريعة في أبين، أحد فروع تنظيم القاعدة الإرهابي في جزيرة العرب.

ولد بن بريك في أديس أبابا لأب يمني وأم أثيوبية، ثم انتقل إلى عدن مع والده عام 1990، وعمره 16 سنة.

وأكد تقرير استخباراتي نشرته قناة الحرة الأمريكية بأنه سافر إلى أفغانستان مع قوافل عدة من المتشددين أواخر سنة 1991، وشارك هناك في المعارك ضد الجيش الروسي.

بعد عودته إلى اليمن، شارك في حرب صيف 1994 ضد الانفصاليين آنذاك وحصل على رتبة نقيب من الدولة تقديراَ لمشاركته في تجميع المقاتلين وقيادتهم.

وتعرض بن بريك في مطلع حياته للاعتقال مرات عدة بسبب جرائم جنائية وأفرج عنه آخر مرة في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح.

العودة إلى حضن الإرهاب

نشأ بن بريك وترعرع في حضن الإرهاب، وتشرّب عقيدة المتطرفين منذ نعومة أظافره، ووفق المعلومات التي أوردتها قناة الحرة عن السنوات الأولى من حياة بن بريك، فقد شارك في حرب أفغانستان عام 91م، أي أنه كان في ذلك الحين فتىً يافعاً يبلغ 18 عاماً فقط، باعتبار أنه ولد عام 1973م.

ما يميز بن بريك عن غيره من المتطرفين أن الكثيرين منهم لم يدخل ضمن معسكرات الإرهابيين إلا بعد أن بلغ العشرينات أو الثلاثينات من عمره ولأسباب معيشية في الغالب، أما بن بريك فقد ولد متشدداً وترعرع صبياً متطرفاً، وبلغ الحلم وهو أحد أمراء التنظيم الإرهابي، لهذا فإن ارتباطه بالقاعدة والتنظيمات الإرهابية عامة ارتباط متجذر في عمق تكوينه المعرفي والوجداني.

هذه الحقيقة دفعت أحد الناشطين للقول بأن جينات الإرهاب مزروعة في النخاع العظمي لبن بريك.

تفخيخ السيارات

بعد عودته من أفغانستان، انطلق بن بريك إلى محافظة أبين ضمن قوافل الإرهابيين التي بدأت في التجمع في عدد من الجيوب جنوب اليمن، في مسعى لتشكيل النواة الأولى لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب (اليمن).

في تلك المرحلة أوكلت إليه مهمات تفخيخ السيارات في عدد من المدن اليمنية، وخاصة في أبين وشبوة، وقام بالفعل بتنفيذ الكثير من هذه العمليات التي أوقعت عدداً من الضحايا المدنيين بين قتيل وجريح. كانت تلك المهمة أول مهمة رسمية يوكلها تنظيم القاعدة إليه في اليمن، وكان حينها في العشرينات من عمره.

وقد جرى اعتقاله والعشرات من أفراد التنظيم مرات عدة بعد حملات أمنية خلال فترة حكم صالح، وأطلق سراحه في كل مرة، كان آخرها عام 2010م، قبل عام واحد من انطلاق الثورة الشبابية الشعبية السلمية.

وفي العام 2011م أعلن انضمامه رسمياً إلى “أنصار الشريعة” وفر إلى عدن بعد تنفيذ عملية تفجير إرهابية أوقعت ضباطاً من الجيش اليمني، لكن اندلاع الثورة في تلك الفترة جعله في مأمن لسنوات، حتى انطلقت عاصفة الحزم في العام 2015م، وفي ذلك الوقت بدأ بن بريك مرحلة جديدة من حياته

التحول إلى أمير حرب

مع اندلاع حرب اليمن عام 2015 بدأ بن بريك بالتواصل مع التحالف السعودي الإماراتي، وأصبح لديه خطوط ارتباط مباشرة مع المخابرات الإماراتية حيث أوكلت إليه مهمة تصفية الأشخاص الذين تصنفهم على أنهم يتبعون جماعة الإخوان المسلمين في عدن واليمن، وأيضا الشخصيات المناهضة لأبو ظبي.

كما كانت تربط بن بريك علاقة وثيقة مع أبو عبد الله الطنيجي وغيره من الضباط الإماراتيين، وكانت له علاقات جيدة مع أبو خليفة سعيد النيادي الذي يعتبر رجل الإمارات الأول في عدن.

وأصدر الرئيس عبد ربه منصور هادي قرارا جمهوريا في التاسع من يناير/كانون الثاني 2016 بتعيين بن بريك وزيرا للدولة وعضوا بمجلس الوزراء، ولكنه لم يستمر طويلا حيث دفعت تصرفاته المناهضة للحكومة بهادي في 28 أبريل/نيسان 2017 لإقالته وإحالته للتحقيق ومعه محافظ عدن حينها عيدروس الزبيدي.

في تلك الفترة تحديداً بدأ بن بريك مرحلة التحول إلى أمير حرب مستفيداً من الدعم المالي اللامحدود الذي تلقاه من أبوظبي.  جند المئات من المليشيات في عدن وقدم لهم السلاح ودشن سلسلة اغتيالات واسعة استهدفت في المقام الأول المشائخ ورجال الدين في عدن وكذا الشخصيات العسكرية والاجتماعية وحتى الناشطين المدنيين المناهضين للتواجد الإماراتي في جنوب اليمن.

وتقول الأرقام التي وثقتها منسقية ضحايا الاغتيالات بعدن بأن بن بريك وخلايا الموت في العاصمة المؤقتة اغتالت حتى مارس من العام ٢٠٢٠م (٢٠٠) شخص. مشيرة إلى جميع تلك الحالات قيدت ضد مجهول.

وبحسب الإحصائية فإن 30 شخصاً من الـ 200 الذين تعرضوا للاغتيال كانوا لشخصيات دينية مرموقة يرى فيها بن بريك منافسة له على الزعامة الدينية في عدن أو مهددة لمشروع الهيمنة الإماراتية في جنوب اليمن.

يجدر الإشارة هنا إلى أن هاني بن بريك كان محسوباً على التيار السلفي قبل تبرؤ أئمة ومشايخ السلفية باليمن منه في أغسطس/آب 2016 حيث أصدروا بياناً يتبرأون فيه منه ويحذرون من التعامل معه لتبنيه سياسات متطرفة وإرهابية تدعو إلى إثارة الفتن وتقسيم اليمن.

فتاوى التكفير

يملك الإرهابي هاني بن بريك تاريخاً حافلاً بالفتاوى التكفيرية التي تستبيح دم الآخر ممن يخالفه في المذهب أو الرأي السياسي أو الإنتماء الجغرافي.

وقد قص بن بريك شريط فتاوى التكفير مبكراً جداً حينما كان لا يتعدى عمره 21 عاماً، حيث شارك في حرب الإنفصال عام 1994م، وأفتى بأن الجنوبيين كفرة ومقاتلتهم من اوجب الواجبات في الدين. ولدوره البارز في تلك الحرب كوفئ بترقيته إلى رتبة نقيب.

وحينما انضم إلى أنصار الشريعة في أبين أطلق فتوى شهيرة بأن دم جنود الجيش اليمني حلال وقتلهم واجب، وأنهم مرتدون عن الدين. وقد عمّد بن بريك فتواه بالدم وقتل ضباطاً في الجيش في عملية تفجير سيارة مفخخة عام 2011م.

وبعد أن أصبح الرجل الأول لمحمد بن زايد في اليمن خلال الحرب اليمنية الجارية، أطلق بن بريك العديد من الفتاوى بين الحين والآخر تحث على قتال الجيش الوطني وتؤكد بأن قتلاهم في جهنم.

وفي هذا الصدد يقول في إحدى تغريداته:” أفتيت كل جنوبي في جبهات القتال بأن يفطر ويشرب ويأكل، وله الأجر وعليه القضاء بعدها، وأفتيت أن كل إخونجي وذيله من قاعدي وداعشي وغيرهم من المرتزقة المشاركين في العدوان على الجنوب دمهم دم حنش إلا المستسلم”.

 

 

 

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق