بقلم - أبو زين
بعد سقوطها في 2019م، أضحت عاصمة اليمن المؤقتة عدن، في ظل السيطرة المطلقة لمليشيات المجلس الإنفصالي المسير إماراتياً، بؤرة كبرى لعمليات فساد ونهب غير مسبوق طالت كل شيء في المدينة ولم تترك أخضراً ولا يابساً إلا وقضمته في طريقها، ابتداءاً من مؤسسات الدولة الحساسة وأبرزها قطاعات النفط والبنوك، وليس انتهاءً بالتبلطج على أصحاب البسطات ومصادرة ما يمتلكون من فتات.
لقد أصبحت عدن في عهد المليشيات مدينة منتهكة تسرق فيها المليشيات أقوات الناس بلا حسيب ولا رقيب، بقيادة قائد عصابة السرق عيدروس الزبيدي، أكبر هامور للفساد حالياً في اليمن، والأربعين حرامي من خلفه من قيادات مجلس الإرتزاق.
شلة من الحرامية ترعرعت في الإمارات وتضخمت كروشهم ومؤخراتهم من مال الارتزاق المدنس أولاً، وحينما قدمت أبوظبي لهم عدن البائسة كمكافأة لحسن ارتزاقهم هبوا يأكلونها وينهشون جسدها بشراهة وهم حكامها الجدد كما فرضه الأمر الواقع، ذلك أن المليشيا ستظل مليشيا وأن عصابة اللصوص ستظل تمارس اللصوصية ولو ألبستها رداء الدولة ولو قدمت لها مؤسسات الدولة ورقاب شعب كامل لحكمه.
لهذا حينما تطالع القرار الأخير الذي أصدره محافظ عدن “لملس” بتعيين مدير شركة نفطية خاصة كقائد جديد لمؤسسة النفط الحكومية فلا تستغرب من هكذا قرارات فضائحية اغتصبت الدستور والقانون وقبل كل شيء.. المنطق.
قدم عميل الإمارات في عدن رقبة أهم مؤسسة اقتصادية حكومية “مؤسسة النفط” قرباناً لشركة خاصة منافسة في قطاع النفط، ولو كان هناك دولة في عدن لتمت محاكمة صاحب القرار والشركة المستفيدة بجريمة الخيانة العظمى وتبديد المؤسسات الحكومية لصالح القطاع الخاص.
وإن كان صغير اللصوص “لملس” يجرؤ على ارتكاب مثل هذه الجريمة التي لم يسبقه إليها أحد فلك أن تطلق مخيلتك للتفكير في كبيرهم “الفانوس” الذي علمهم السحر وفن اللصوصية وما يمكن أن يرتكبه من جرائم فساد.
هل تعلم أن عيدروس بات “يحتكم” على ممتلكات ضخمة بالداخل والخارج وله شركات مع عدد من الأشخاص، وهو شريك في شركة حضرموت للطاقة مع عبد الله البسيري في عدن وحضرموت.
وهل تعلم أن شركة حضرموت النفطية هي الشركة التي أصبح مديرها المالي صالح الجريري “بقدرة قادر” مديراً لشركة النفط اليمنية، بقرار رسمي من لملس.
وهل تعلم إن الزبيدي يشارك عباس صنيج في تجارة الذهب في السعودية، وذات الأمر مع عبد الكريم الشعيبي بتجارة الذهب في الإمارات، ويمول تجارته من تهريب الذهب اليمني إلى الإمارات؟
وهل تعلم أن القيادي في الانتقالي هاني بن بريك يستحوذ على حصة كبيرة من الممتلكات كشرائه فيلا سكنية في خط المحافظ بقيمة مليون دولار، بالإضافة إلى مصنع خرسانة في بير أحمد بعدن بقيمة 3.5 مليون ريال سعودي؟
وهل تعلم أن شلال شائع أحد المجندين بالأمن بشهادة ابتدائية، قبل أن يتحول إلى قائد لمليشيات خارجة على الدولة ويستحوذ على ما نسبته 14 مليون ريال سعودي من الأملاك إلى جانب ضرائب أسواق القات التي تُقدر إيراداتها بالملايين شهرياً، كما أنه يمتلك مصعناً في أثيوبيا؟
وهل تعلم أن إيرادات منافذ عدن البرية (النقاط الأمنية للحزام) تبلغ 20 مليون ريال في اليوم الواحد (600 مليون ريال شهرياً) وتذهب إيراداتها الآن إلى جيب عيدروس وشلال؟
ما ذكرته ليس إلا غيض من فيض وقطرة من بحر الفساد الذي غرقت فيه عدن خلال عامين من حكم “عساكر قفا الشيخ طحنون” وعصابة الحرامية على درة اليمن، والقادم ينذر بالأسوأ، فاللص لا يحسن سوى السرقة والمليشيا لا تجيد غير لغة النهب واستلاب الحقوق قهراً.