ينفخ “بروكسيما سينتوري” غضبه بين الحين والآخر في عرض لامع للإشعاع، مثل معظم النجوم القزمة الحمراء شديدة الحرارة، حيث تنسكب تيارات من البلازما والضوء إلى نظامه.
وبالنسبة لنا، فإن مشاهدة هذه الانفجارات من مسافة آمنة تعطي نظرة ثاقبة لآليات الفيزياء النجمية. وفي عام 2019، درّب علماء الفلك تسعة تلسكوبات حول العالم على مراقبة “بروكسيما سينتوري” في جلسة ماراثونية مدتها 40 ساعة.
ولم يكن من المخطط تفويت أي تفاصيل – باستخدام التلسكوبات مثل مصفوفة “باثفايندر” الأسترالية المربعة، ومصفوفة أتاكاما الكبيرة المليمترية/ما دون المليمتر، والقمر الصناعي العابر لاستطلاع الكواكب الخارجية، فقد استمعوا إلى ترددات متعددة، من الراديو إلى الأشعة السينية.
وتقول عالمة الفيزياء الفلكية ميريديث ماكغريغور، من جامعة كولورادو بولدر: “إنها المرة الأولى التي نحظى فيها بهذا النوع من التغطية متعددة الأطوال الموجية للتوهج النجمي”.
ولم تكتف خمسة من أدواتهم بمشاهدة أكبر توهج يمكن ملاحظته في نظام “بروكسيما سينتوري” حتى الآن، بل كان توقيع الانفجار البركاني غريبا بما يكفي للإيحاء بوجود نوع جديد تماما من الأحداث الشمسية.
ومرة أخرى في عام 2016، اكتشف علماء الفلك وهجا فائقا مشابها، يمكن رؤيته من دون تلسكوبات.
وعلى الرغم من أنه أكبر من الناحية التقنية، فقد أصبح أكثر إشراقا بـ 14000 مرة على مدى بضع ثوان، إلا أن هذا النشاط الأحدث كان إلى حد كبير في شكل أطوال موجية لا يمكننا رؤيتها، كما هو الحال في الأجزاء فوق البنفسجية والراديو من الطيف.
وكان العثور على مثل هذا الارتفاع القوي في منطقة الراديو لموجات مدى المليمتر غير متوقع تماما، ما جعل هذا التوهج يستحق الاهتمام حقا.
وتقول ماكغريغور: “في الماضي، لم نكن نعرف أن النجوم يمكن أن تشتعل في نطاق المليمتر، لذا فهذه هي المرة الأولى التي نبحث فيها عن مشاعل المليمتر”.
ويوفر توقيت وطاقات الأطوال الموجية المختلفة للضوء في التوهج، لعلماء الفيزياء الفلكية نظرة جديدة على الآليات الكامنة وراء إنتاج التوهج، مع إضافة تفاصيل إلى نماذجنا.
كما أن معرفة أن التوهجات الشمسية المنبعثة في هذا الجزء من الطيف يعني أن الباحثين سيكونون أكثر ميلا لتدريب مجموعة أكبر من الأدوات على نجوم متغيرة في المستقبل، على أمل التقاط “همس طائش” من الإشعاع الذي فاتهم من قبل.
وقالت ماكغريغور: “من المحتمل أن تكون هناك أنواع أكثر غرابة من التوهجات التي تُظهر أنواعا مختلفة من الفيزياء لم نفكر فيها من قبل”.
ولن تكون هذه آخر نوبة غضب سنشاهدها من “بروكسيما سينتوري”، وربما لن تكون الأكبر. وفي حين أن هذا الثوران غير المعتاد كان أكبر التوهجات التي شوهدت خلال نافذة الملاحظات التي استمرت 40 ساعة، إلا أنها لم تكن الوحيدة التي رآها الباحثون.
وفي الواقع، يمكن أن يكون جارنا الصغير في حالة غضب شبه دائم، ويطلق العنان للإشعاع مرة واحدة على الأقل يوميا، وربما أكثر