في عام 2019 وقع فريق ريال مدريد عقدا لضم صانع ألعاب فريق تشيلسي إيدن هازارد إلى صفوفه بمبلغ قيمته 150مليون جنيه استرليني، ولا خبر حتى الآن عن اللاعب.
ولكن الحديث في أوساط الفريق أن هازارد سيعود إلى المنافسة مرة أخرى قريبا. وهذه في الواقع المرة الحادية عشرة التي يصاب فيها اللاعب ويغيب عن الملاعب خلال 20 شهرا قضاها مع فريقه.
وكان يتوقع أن يغيب هذه المرة من 4 إلى 6 أسابيع بعد إصابته في مباراة أمام ليفانتي في يناير /كانون الثاني، ولكن عودة اللاعب إلى التدريبات الخفيفة الأسبوع الماضي منحته أملا في إعادة بعث مسيرته مع ريال مدريد.
والحقيقة أن تجربة هازارد كشفت له الظروف القاسية التي تواجه لاعب كرة القدم في مستوى القمة عندما يكون مطالبا بالأداء المتوقع منه بالنظر إلى القيمة المالية التي دفعت من أجل شراء خدماته.
وبسبب الإصابات المتكررة التي تعرض لها هازارد، أطلقت عليه وسائل الإعلام القريبة من ريال مدريد لقب “اللاعب الزجاجي”.
حكاية هازارد مع الريال حتى الآن:
لم يصل النجم البلجيكي إلى ريال مدريد خاليا من الإصابات، إذا كان يعاني من إصابة أبعدته عن الملاعب ثلاث مباريات قبل أن يبدأ مشواره مع الفريق. ولم تتحسن ظروفه مع الإصابات حتى الآن.
فقد تعرض هازارد مع الريال إلى 10 إصابات أي أكثر من عدد الأهداف التي سجلها للفريق، وهي أربعة، وكل إصاباته مرتبطة بالعضلات.
ولعب 35 مباراة للفريق حتى الآن، ولكنه غاب عن 46 مباراة. وبين سلسلة الإصابات التي تعرض لها أصيب أيضا بفيروس كورونا في نوفمبر /كانون الثاني من العام الماضي.
ونذكر من باب المقارنة أنه مع تشيلسي غاب عن 20 مباراة فقط في 6 مواسم كاملة.
ولكنه ليس اللاعب الوحيد الذي يمر بمثل هذه الظروف المحبطة، إذ ينضم إلى مجموعة من النجوم الذين حملوا راية الفريق الملكي ويطلق عليهم لقب “اللاعب الزجاجي”.
ومن بين هؤلاء المهاجم، غاريث بيل، الذي عانى من لعنة الإصابات 23 مرة خلال سبعة مواسم لعبها في الريال. ولكن النجم الويلزي ترك بصمة في انتصارات الفريق خاصة الفوز بدوري أبطال أوروبا في في لشبونة وكييف.
وكذلك شأن البرازيلي كاكا الذي حط رحاله في مدريد بعد عامين من تتويجه بالكرة الذهبية لأحسن لاعب في العالم، ولكن الوقت الذي أمضاه في العيادة أكثر من الوقت الذي لعبه في المباريات الرسمية مع فريقه.
ولكن حالة هازارد أبعد من أن تكون الأسوأ في تاريخ الريال، لأن اللاعب الانجليزي، جوناثان وودغيت، انضم إلى ريال مدريد من 2004 إلى 2007، ولم يلعب أكثر من 14 مباراة، وغاب عن جميع المباريات خلال الموسم الأول كله.
وعندما شارك في أول مباراة له مع الفريق في سبتمبر /أيلول 2005 سجل هدفا في مرماه، وتعرض للطرد لاحقا.
ما هي مشكلة هازارد؟
السؤال الذي يطرحه كثيرون بشأن هازارد الآن هو ما حجم المشاكل النفسية والمشاكل البدنية التي يعاني منها اللاعب.
عندما كان هازارد تحت قيادة جوزيه مورينيو في تشيلسي موسم 2015-2016، اختير أحسن لاعب في الموسم. وكان الكثيرون يرون أنه في مستوى رونالدو وميسي. وبدأ مورينيو يدفعه إلى الرفع من مستواه أكثر.
ولا أحد يشكك في مهارات هازارد الفنية ولا في قدراته التكتيكية، ولكن السؤال هو هل يملك القوة النفسية التي تجعله في مصاف الكبار رفقة رونالدو وميسي.
وتبين فورا لمورينيو أنه لا يتمتع بتلك القوة التي تجعله يتحمل الضغط النفسي، وأن الاستمرار في دفعه أثر على فعاليته في اللعب.
وتيقن مورينيو من أن أفضل طريقة للتعامل مع هازارد هي عدم الضغط عليه ومنحه فرصة الاسترخاء والمرح. وعندما فعل ذلك استعاد لاعبه اللياقة والفعالية المعهودة عليه.
وكذلك تعامل معه أنطونيو كونتي، الذي اعترف في حديث خاص أن أفضل طريقة للحصول على الأداء الجيد من هازارد هي عدم الضغط عليه.
وتبين له أيضا أن تشيلسي يملك لاعبا يجيد لتحقيق الأهداف قصيرة المدى، فقد قدم أداء رائعا في نهائي بطولة أوروبا في 2019، وعندما قاد المنتخب البلجيكي إلى نصف نهائي كأس العالم في عام 2018.
ويرى بعض من يعرفون هازارد أنه لاعب يبدع في لحظات وليس في 90 دقيقة كاملة، لأنه يفتقد القوة الذهنية التي تمكنه من الانتظام في الأداء الجيد. وهو أيضا رجل يفضل الاسترخاء والاستمتاع بالحياة بدل الالتزام بأسلوب لاعبي النخبة.
وقد ساءت علاقة هازارد بمدرب تشيلسي السابق، موريتسيو ساري، بسبب افتقاد اللاعب للرغبة في قيادة الفريق وفي تحمل المسؤوليات التكتيكية الملقاة على عاتقه.
واضطر في مدريد إلى تغيير أسلوب حياته. فهو مطالب بالكثير من العمل البدني لتقوية العضلات، وهو ما لم يكن يفعله في تشيلسي.
وقد أدى به إهمال الجانب البدني في التدريبات فضلا عن أسلوب التغذية غير المناسب والضعف الذهني إلى التعرض للإصابات المتكررة.
هذا إضافة أنه لا يبدو بمظهر اللاعب النجم، ويصفه منتقدوه بأنه لاعب “حسب الظروف”، فهو مبدع عندما يكون الفريق كله جيدا ويختفي تماما عندما يواجه الفريق مصاعب.
ويعتقد الأطباء في المنتخب البلجيكي أن مشكلة هازارد بدنية وليست نفسية. ويرون أن فريق ريال مدريد تسرع في إعادته إلى اللعب، علما أنه غاب عن تدريبات ما قبل الموسم، بسبب إصابة.
ولكن من المتسبب في أزمة الإصابات المتكررة هل هازارد أم ريال مدريد؟.
تضرر ريال مدريد كثيرا من إصابات لاعبيه هذا الموسم. وكانت إصابة داني كارباخال الأخيرة هي الأربعون خلال الموسم بإجمالي 20 لاعبا مصابا.
فقد لعب الفريق مباراته السبت أمام ريال بلد الوليد في غياب هازارد، كارباخال، راموس، رودريغو، فيديريكو، فيلفردي، ميليتاو، أورديوزولا ومارسيلو.
فلم يتعرض أي فريق في إسبانيا إلى هذا العدد الهائل من الإصابات هذا الموسم، حسب إحصائيات نشرتها ماركا الأسبوع الماضي.
ما هو مستقبل هازارد؟
يرى أصدقاء مقربون من هازارد أن المطلوب من ريال مدريد هو منح هازارد فرصة فتح صفحة جديدة من تحضيرات بداية الموسم. فهو لا يحتاج إلى تحضير بدني خاص مثلما يفعل الكثير من كبار اللاعبين.
كما أنه يميل إلى إرضاء الجميع ولكنه حاليا لا يرضي أحدا، ولا حتى نفسه.
ولا يعرف حتى الآن تأثير الإصابة بفيروس كورونا عليه. ويعتقد البعض أن الآثار المتوسطة والطويلة المدى تكون شبيهة بالإجهاد الذي يتعرض له اللاعب جراء التدريبات المكثفة، وهو ما قد يعرضه مرة أخرى للإصابات.
وعلى الفريق أن يتعامل مع هازارد كما هو على طبيعته لا اللاعب الذي اشتراه ويتوقع منه الكثير. فهو ليس لاعبا ملهما ولا قائدا في الملعب ولكنه لاعب رائع جماعيا مع الفريق.
وبما أنه عاد إلى التدريبات مع الفريق الأول فإن ذلك سيكون حافزا للجميع. فقد كان ظروف سيئة للغاية أثناء فترة تعافيه، وإن كان سيغيب عن مباراة أتالانتا فإنه في طريق العودة إلى المباريات اللاحقة.
وإذا أدرك ريال مدريد نقاط القوة التي يتميز بها هازارد فلابد أنه سيكون سعيدا وسيؤدي مشوارا متميزا مع الفريق الملكي.
والأهم من ذلك أن يدركوا حدود إمكانياته، فيحقق معهم ما حقق من إنجازات مع تشيلسي ومع المنتخب البلجيكي.