تلقيت أول ردة فعل ضدي من دولة الإمارات العربية المتحدة , ردة الفعل كانت صادرة من المجلس الوطني للسياحة والآثار , وهي جهة إماراتية حكومية تتلقى دعم مالي ولوجستي قوي.
اوعزوا إلي مع مندوبيهم بخطاب شديد اللهجة قالو فيه بأنني شخصية مخابراتية غير معروفة ومجهولة وغامضة وغير مرحب بها في دولة الإمارات المتحدة.
كل ذلك بالطبع لم يحدث معي مصادفة ..
بل كان نتيجة مشادات وخلافات وتراكمات حادة معهم ..
بدأت القصة في محكمة العدل الدولية لاهاي – هولندا , وهو المكان الذي عملت ولازلت أعمل به , وقعت في يدي ورقة ضمن ملف يتضمن رفع قضية دولية لإستعادة أراضي دولة الإمارات التاريخية المقتطعة والمجتزئة خارج حدودها إبتدائآ بجزيرة سقطرى التابعة لدولة الإمارات ولتراثها الإقليمي والحضاري و إرثها البشري التاريخي المتوارث عبر الاجيال .
لم أستطع إخفاء ضحكتي أمام مبعوثي تلكم الهيئة الإماراتية , لقد صعقني الخبر ومن هوله ضحكت , المقربون مني فقط يعلمون ان ضحكتي تلك في ثقافتي الليبرالية تعني بأنني وصلت لأقصى درجات الإستياء والامتعاض.
اعطيتهم ملف قضيتهم بإبتسامة و أدب وإحترام بالغ ..
ذهبت بعدها لكتابة إعتراض على قضيتهم لاربعة أيام متواصلة ويتضمن الاعتراض حوالي 80 صفحة من الهجوم القانوني العنيف على أدائهم الغير حصيف ومعاييرهم غير المقنعة في التقييم التاريخي , شرحت للدائرة الجغرافية والمكانية في المحكمة بأن دولة الإمارات إشتبهت بإنتماء جزيرة سقطرى لأراضيها وبأنه قد حصل إلتباس عليهم في هذا الموضوع وضبابية في تقييم الرؤية للواقع التاريخي المعاش , حيث انه لاتوجد اي جذور تاريخية بين جزيرة سقطرى والإمارات اطلاقآ.
سقطرى والتي تم تصنيفها كأحد مواقع التراث العالمي لدى اليونسكو في عام 2008، وصنفتها صحيفة النيويورك تايمز كأجمل جزيرة في العالم للعام 2010 , ليست إماراتية ياسادة وليست حتى أفريقية بل هي اراضي يمنية تتبع للمياه الاقليمية اليمنية , الإمارات حاليآ لديها ما يقارب 400 جندي في قاعدة إماراتية مستحدثة فيها, ولا يعني ذلك في البروتوكول الدولي بانها أصبحت إماراتية بل يعني بأنها محتلة إماراتيآ.
قبل ذلك إحتل إسطول برتغالي بقيادة (ترستاو دا كونها) و (ألفونسو دي ألبوكيرك) سقطرى في عام 1507 , وقبلهم إحتل الأغريق سقطرى لأكثر من 400 عام وكذلك إحتلها الفراعنة لمآتين عام ويزيد واعتبروها جزئآ من الثقافة الدينية الفرعونية, وكذلك احتلها الفرس لاكثر من 600 عام , والرومان كذلك احتلوها لفترات متباعدة.
والسيطرة على جزيرة سقطرى أمر طبيعي فموقها يعتبر إستراتيجي ومحوري, ولا تعني السيطرة العسكرية عليها من دولة ما بأنها أصبحت تابعة لتلك الدولة قانونيآ , فحتى لو تم تجنيس كل مواطنيها بجنسيات تتبع الدولة المسيطرة فيعتبر ذلك “إنتداب” ولا يقل شأنآ عن الإحتلال في معايير واعراف القانون الدولي, فأنت لا تستطيع محو ديموغرافية وهوية شعب كامل فالحدود بين الدول تحكمها اعراف دولية وكل حيازه لاراضي جديدة ليست ضمن النطاق الجغرافي لاي دولة يعتبر “إحتلال” وليس له مسمى آخر .