بقلم - هائل سلام
يسار أيش ويمين أيش ؟!
دعكم من هذه المصطلحات المنتزعة قسرا من سياق تطور ثقافي تاريخي لمجتمعات أخرى، وتعالوا لننظر لإحتياجات الإنسان على هذه الأرض، المسماة “يمن ” .
الإشكاليات الزائفة تخلق وعيا زائفا. لا أحتاج – كمواطن يمني – لتنظيرات ماركس ولينين، ولا لبيان كومونة باريس، وشعارات الأممية الثالثة.
لا أحتاج – بذات الصفة – لتنظيرات سيد قطب وأبو الأعلى المودودي، ولا لتخريجات الخوميني والخامنئي. لست في مصر عبدالناصر، ولا في عراق صدام حسين، لا في سوريا الأسد ولا في ليبيا القذافي.
لا أحتاج لتنظيرات ناصر ولا عصمت سيف الدولة، لا لتنظيرات ميشيل عفلق ومنيف الرزاز وساطع الحصري، ولا لفتاوى القرضاوي، لا للكتاب الأخضرولا لاللكتاب الأبيض، أو الأصفر.
أنا مواطن يمني، وضمن معطيات عالم اليوم، لي إحتياجاتي وإحتياجات أولادي: من تعليم وصحة وضمان إجتماعي … الخ.
لست مستعدا، ولا أملك ترف الجري وراء شعاراتكم من قومية وإسلامية وأممية.
لا أممية عولمية، ولا خلافة ولا ولاية ولا أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة.
الموت للأيديولوجيات، المجد للإنسان. في أي بقعة كان.
نحتاج إلى كتلة تاريخية، من كل المستنيرين، من كل الإتجاهات والمشارب والمضارب، تلك التي تصنفونها – خطأ وخطلا- يمين ويسار، لتحدد أسس إجتماعنا البشري على هذه الأرض، المحددة تعيينا ويقينا، ولتضع حدا لإشكالية الصراع حول السلطة، على أساس برامجي، لا أيديولوجي، يقدم للناس خدمات الأمن والتعليم والصحة والكهرباء والضمان الإجتماعي، والرفاه الإقتصادي، بما يحررهم من خوف الفقر والفاقة والعوز.
كمواطن يمني في القرن 21، لاشأن لي بصراعات داحس والغبراء، ولاشأن لي بإجترار تفاصيل الصراع التاريخي بين علي ومعاوية، ولست معنيا بحل مشاكل البشرية وفق شعارات الأممية الثالثة، ولم أعد في حقبة حروب التحرر والإستقلال الوطني الناصرية، ولا يشبع جوعي، ولايشفي مرضي، شعار : أمة عربية واحدة … ولا تعنيني أوهام الولاية والخلافة، وأن الوطن حيثما يرفع الآذان.
فآذاني الخاص، والدائم : حي على اليمن، وطنا وإنسانا.
وبعدها سنرى كيف نرتب علاقاتنا، عربيا، إسلاميا، وإنسانيا.
ان كان لديكم مايمكن أن تقدموه لي كمواطن يمني – وهذه كينونتي التاريخية والجغرافية غير المختارة – على أساس تنموي برامجي، من تعليم وصحة ورفاه إقتصادي، وإلا فغوروا – جميعا – في ستين مليون داهية.
لايمكنك أن تكون أمميا، أو مسلما – سنيا أو شيعيا – أو قوميا، جيدا، إلا إذا كنت – قبل ذلك وبعده – وطنيا جيدآ، بارا بوطنه.
هائل سلام