بقلم - إيمان صادق
أدولف هتلر ..تلك الشخصية الأكثر وحشية في العالم كما وصفها عالم النفس الامريكي ( هنري موراي ) في تقريره المقدم لوكالة الاستخبارات الامريكية بعنوان ( تحليل شخصية أدولف هتلر ) والذي قال فيه : ( كان يعاني من الانفصام ويحول الانتقام لسنوات طفولته التي عانى خلالها غضبا مكبوتا ) ، واتضح من تقرير موراي ان هتلر عاش مرحلة طفولة محبطة فقد عانى الفقر مع والدته وكان يرفض الذهاب الى المدرسة حتى لا يلتقي بزملائه فيشعر بالنقص أمامهم ومن ثم سيطر عليه الحقد والرغبة في الانتقام الهستيري الذى يشهد العالم اثره إلى يومنا هذا ، والذي أنتهى بصاحبه الى الانتحار فقد عاش مرحلة صراع داخلي بين رغبته الملحة في الانتقام وبين تأنيب الضمير الذي كان يلاحقه في رؤية كوابيس تقظ مضجعه ..
وكم هي كثيرة تلك الانعطافات الحادة في حياتنا ، والتي قد تسبب لنا فقدان الاتزان بين حاجة النفس والعقل مما قد يؤثر تأثيرا بارزا على مسيرتنا الحياتية ، فمن منعطف الصراع الذاتي الذي يدمر السكون الداخلي لأرواحنا إلى منعطف الانتقاد الدائم لكل ما قد تقع عليه عيناك مهما كان جميلا ممن بينك وبينه مواقف غير حميدة إلى منعطف الكراهية والاحقاد والرغبة في الانتقام من كل من قد سبب لك ألما أو انتزع منك شئيا تحبه ، وقد يدفعك هذا الانتقام إلى ممارسة سلوكيات لم تكن تتخيل أن توقع نفسك فيها ، وربما ينتهي الأمر إلى سفك دماء وانتهاك أعراض ونهب للحقوق والممتلكات ، وهذا من اشد انواع المنعطفات خطورة على النفس ، كما حدث ذلك مع هتلر الدموي ..
أيا كنت .. ومهما كانت شخصيتك وتصنيفك الاجتماعي ومكانتك السياسية فأنت معرض لتلك المنعطفات في حياتك ، إن استسلمت لصراعاتك الداخلية و سلمت زمام أمورك لهوى نفسك الذي سيفقدك اتزان عقلك ، وقد تفقد أيضا السيطرة على سلوكياتك سواء مع نفسك او مع من حولك ، وقد تفقد هنا سمعتك أمام نفسك وخطاب ضميرك أولا ، ثم أمام من يثقون بك وكل من حولك فتتهاوى يوما بعد يوم حتى يحين موعد السقوط ، فتصالح مع نفسك قبل ذلك وتداركها بإنعاش السلام الداخلي فيها بتطمينها والتهدئة من روعها لتتوازن احتياجاتها مع نظريات عقلك ، انبذ تلك الاحقاد والكراهية التي تسبب لهدوء نفسك ذلك الضجيج الذي لا يحمد عقباه ..
ما أجمل أن نعيش بسلام داخلي مع أنفسنا .. ونمحو من قاموس حياتنا أي رغبة في تدمير الآخرين أو التضييق عليهم أو التقليل من شأنهم لأي سبب كان ، فلنعش بسلام فهناك وقت مناسب لينال كل منا جزاءه والأيام كفيلة بذلك ، فمن جرحك سيجرح يوما ما ، ولنتوقف عن التفكير بالماضي ولنعش حاضرنا ونبني عليه قواعد حياتنا الجديدة ، ونتجنب التفكير بمصلحتنا الذاتية بل نجعل التفكير بمصالح الآخرين لها الأولوية في حياتنا، فبإسعاد الآخرين تسعد ذاوتنا، فيعم السلام بدواخلنا ليسيطر على سلوكنا مع الآخرين فيبادلنا الآخرين السلوك ذاته ويعم السلام مع من هم حولنا ،وغيرنا سينشره مع من حوله ليعم السلام الاجتماعي مع أبناء الوطن الواحد فيصبح سلوكا تتعامل به المجتمعات والأوطان حتى مع بعضها البعض حتى يعم العالم ويتحقق السلام العالمي ..
تصالح مع نفسك وعمم السلام الداخلي فيها فبدون سلامنا الداخلي مع ذواتنا لن يكون هناك سلام مجتمعي ولا عالمي مهما ادعيناه ..
حققوا السلام الداخلي في أنفسكم وانبذوا الاحقاد والانتقام والثأر للماضي ، وتذوقوا طعم الحياة فليس أجمل من أن تعيش بسلام وتجعل من حولك يعيش في سلام …