بقلم - صلاح مبارك
لازال العالم كله مفجوع ومرتبك من كورونا , وتداعياته الكارثية التي امتدت وتوسعت صحة وسياسة واقتصاد , فأجبرت الجميع على إتخاذ اجراءات احترازية مشددة ومتشددة في محاولة للحد من انتشاره تمثلت في فرض العزلة سواء بين الدول أو داخل الدولة الواحدة، وتقييد حركة المواطنين وإغلاق الحدود وتعليق الدراسة وتعطيل الرحلات والحجر الصحي الجماعي، مما ألحق ضرر مباشر على مناحي حياة ومعيشة ملايين الناس, والمشكلة الكبرى أن أزمة “كورونا” قد يطول أمدها , وأصبح الناس في العالم يتسألون في حيرة من أمرهم “متى ستفرج عنهم هذه الأزمة” ليعدوا إلى ممارسة حياتهم الطبيعية بعد أن تنتهي هذه “الدوخة” الثقيلة ويتم محاصرة ووأد هذا الوباء الخبيث الذي حصد آلاف الأرواح ,وأصاب مئات الآلاف من البشر .
“كورونا” هذه الجائحة التي تُهدد الإنسانية جمعاء أصبح العدو المشترك للبشرية , فلا علاج ناجع له حتى الآن , ويحتاج إلى وقت لاكتشاف وتصنيع لقاحه كما تشير الكثير من المؤسسات الصحية الدولية، مما جعل كل دول العالم تتوحد لمواجهة هذا الوباء عن طريق الوقاية والعزل كوسيلة لتجنيب شرور انتشاره, فرحلت كل الخلافات والنزاعات ووضعت الصراعات والمطامع في أكياس الماضي لهدف واحد هو التصدي ومحاربة هذا الفيروس القاتل , ولأول مرة في بلادنا تجتمع مختلف المكونات والأطياف السياسية والاجتماعية حول دعوة انسانية لوقف القتال وإنهاء الحرب واسكات ادوات الموت والهلاك للانتقال لمجابهة “كورونا” العدو المشترك للجميع.
لكن الأهم في “كورونا” أنه أجبر حكومات الدول وهي تكابد مواجهة تداعيات هذا الوباء الخطير وخسائره الفادحة أن تنظر لشعوبها وتهتم بدعم الفقراء والمشردين منهم , وتوفر لمن فقدوا وظائفهم ومصادر دخلهم ولقمة عيشهم دعمًا ومساعدة , بل أن البعض من الدول – ومنها بالطبع دول عربية – اتخذت إجراءات وحلول يفوق الخيال حتى تحكم السيطرة على الوباء وتنجح في خطواتها المتخذة , وتجعل فرض المزيد من القيود على الحركة وانشطة الحياة اليومية أمر مطاع للحد من تفتشي وانتشار الفيروس .
ويهمنا هنا حضرموت وبلاد اليمن عامة التي لازالت بخير ولم يصلها بعد هذا الوباء – والحمد لله – فقد تداعت الحكومة والسلطات المحلية واستنفرت كل أجهزتها وحشدت المجتمع ووضعت إجراءات صارمة وفرضت الإلتزام بها استشعارًا للمسؤولية الجماعية والدينية والاخلاقية في مواجهة “كورونا” , لكن هذه المعالجات والإجراءات ستظل ناقصة ما لم تلامس الناس واحتياجاتهم وتضع حلول لمعاناتهم لتطوي هذه الأزمة المريرة , وتمر بسلام , من خلال تحفيز عامة الناس وجعلهم يحرصون على التقيد الصارم بكل التعليمات والقرارات الصادرة ويتقبلوها ويتفاعلوا معها , ومنها المكوث في المنازل وتجنب التجمهر والتجمعات والتقليل من الزحام أو الانصياع للحظر الجزئي أو الشامل – لو سمح الله وأتخذ – كما تلوح به السلطات بين الحين والآخر كأجراء احترازي ووقائي حفاظًا على سلامة المجتمع .. فماذا لو -مثلًا – تم أعفاء المواطنين من فواتير الماء والكهرباء شهرين , خاصة أن السواد الأعظم عمالة حرة سواء عمال بناء أو مهن مختلفة أو تقديم مساعدات مباشرة كسلل غذائية وغيرها من الإجراءات الملموسة والمحسوسة التي ستسعد الجميع ويكون لها أثر بالغ في النفوس..