بقلم - أبو زين
منذ توقيع اتفاق الرياض بين الحكومة اليمنية والإنفصاليين في نوفمبر من العام الماضي لم يتغير شيء على الأرض، والاتفاق الذي قدّرت السعودية أنها ستحتاج إلى نحو 3 أشهر لتطبيقه على الأرض، أصبح عمره الآن 4 أشهر ولم يتقدم حتى خطوة واحدة.
صحيح أن المسئول الأول عن هذا الوضع العالق وعن استمرار الأزمة في المدن المحررة هو مجلس الإنفصال المرتهن لأبوظبي، لكن لطالما كان “التراخي” السعودي إزاء تعنتات مجلس عيدروس سبباً جوهرياً في شعور هذا الفصيل الهش بأنه قادر على المناورة، وبأنه لن يتعرض للأذى إن استمر في تأزيم المشهد والاستفراد بالعاصمة المؤقتة عدن وبقية المدن التي لا تزال تحت سيطرته.
الواضح أن الانتقالي يمارس “الفهلوة”، متعشماً طول بال الجانب السعودي، الراعي للاتفاقية والمسئول عن نجاح تنفيذها على أرض الواقع، ولهذا نجده لا يفتأ يتهرّب عن تنفيذ ما التزم به في كل مرة، وكلما تعرّض للضغوط من الجانب السعودي لتنفيذ ما عليه صعّد الموقف وأعلن الاستنفار العسكري ومارس البلطجة المناطقية في المنافذ الحدودية، وهدد بالتراجع عن الاتفاق.
صحيح أن السياسة السعودية عرفت منذ قيام المملكة العربية السعودية بطول البال وبالتهدئة وبمحاولة تطبيق الاتفاقات التي ترعاها بشكل ودي، لكن على السعوديين أن يدركوا أن الأمر مختلف تماماً فيما يخص مليشيات المجلس الانتقالي، فهم ليسوا أكثر من مجرد “مرتزقة” مرتهنون ومنقادون لأهواء ونزوات بن زايد، ولا يملكون أمر أنفسهم، وبالتالي فإن سياسة التأني والتراخي ذات النفس الطويل والأمد المفتوح ليست سياسة ناجعة على الإطلاق، بل على العس، قد تكون سبباً في تأزيم المشهد في اليمن، وبالتالي تأزيم موقف المملكة التي لا تزال عالقة في مستنقع الحرب منذ خمسة أعوام، ولا أمل يلوح في الأفق.
على السعودية أن تتعامل مع تعنتات الإنتقالي باعتبارها تهديداً مباشراً لأمن المملكة، خاصة مع تكشّف بوادر مؤامرة تقودها الإمارات وتنفذها جماعة الحوثي، لإسقاط الحكومة الشرعية بشكل تام عبر التقدم عسكريا على الأرض وإسقاط محافظة مارب.
الإمارات تسعى لنسف مشروعية العمليات العسكرية السعودية في اليمن، فبسقوط الشرعية عسكرياً يصبح من غير المقبول التحدث عن عملية عسكرية داعمة للشرعية. وهكذا سيكون الحوثي قد استطاع جميع المحافظات اليمنية في الشمال عدى (تعز) التي سيكون أمر إسقاطها أسهل لاحقاً، ويكون الانتقالي قادراً على شن حملة عسكرية خاطفة لإسقاط ما تبقى من السلطة الشرعية في شبوة وحضرموت وسقطرى وأبين.
إذن فالانتقالي ومن ورائه الإمارات يراهنون على الوقت وعلى طول بال المملكة للخروج من مأزق اتفاق الرياض من جهة، ولتأمين سيطرة كاملة على المحافظات الجنوبية من جهة أخرى، وبالتالي ستجد الرياض نفسها في لمحة عين خارج إطار المعادلة اليمنية، وستصبح تحت تهديد الحوثيين والإمارات بشكل دائم.