بقلم - عادل الشجاع
الأخطاء الاستراتيجية التي أرتكبها التحالف العربي هي التي أدت إلى إطالة أمد الحرب وتقوية مليشيا الحوثي وبالرغم من مضي خمس سنوات من الحرب إلا أن السياسات الخاطئة مازالت مستمرة .
يعود السبب في ذلك إلى التباين بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ، أو بمعنى أصح التناقض .
وبدلا من أن تذهب الإمارات إلى إلحاق الهزيمة بالحوثيين جعلت هدفها الرئيسي مواجهة حزب الإصلاح إحدى أولوياتها . ولم تكتف بذلك بل ذهبت إلى تكوين مليشيات تحت مسمى أحزمة ونخب . ولا أبالغ إذا قلت إن هذه الأحزمة والنخب تعد من وجهة النظر الجيو سياسية بمثابة شرنوبل الروسية ، فإذا لم يتم دمجها في الشرعية ستظل تبث أشعة الاضطرابات والتشدد المناطقي المساعد لوجود مليشيات أخرى .
ولست بحاجة للقول إن الأخطاء التي أرتكبها تحالف دعم الشرعية والفساد الذي رافق هذه الحرب وأهدر أبرز الإنجازات التي نتجت عن تحويل الصراع الإقليمي إلى صراع وطني . لقد تحول الصراع بين الإمارات ودولة قطر إلى صراع بين الإمارات وحزب الإصلاح . وفي الوقت نفسه تم تهميش القاعدة الواسعة للمؤتمر المناوئة للحوثي وضخ خطاب الكراهية بين المؤتمر والإصلاح . تعتقد الإمارات أنها تستطيع التحكم بحزب المؤتمر من أبو ظبي . هذه رؤية قاصرة ستكلفها وتكلف المؤتمر الكثير .
ولم تكن المملكة العربية السعودية بعيدة عن تلك الأخطاء ، فقد حرصت على الإبقاء على الشرعية ضعيفة ولم تسمح ببناء مؤسسات الدولة في المناطق المحررة . ونتيجة لذلك فإن ماحدث في نهم والجوف يعد مأساة للشرعية والتحالف على حد سواء ، مأساة لأن الأمر ماكان يجب أن ينتهي على هذا الحال ، فالتقدم الذي حققوه ما كان لهم أن يتخلوا عنه ، لكن ماحدث كان نتيجة أخطاء وسوء تقديرات ، كان يجب إحالة الكثيرين إلى المحاكمة ، لكن ذلك لم يحدث .
وبسبب تلك الأخطاء وغيرها استمرت الحرب في اليمن وتعاضمت نتائجها . قد يقول قائل إن ماحدث لم يكن من الممكن تجنبه وأن اليمن كان على موعد مع السقوط بسبب الخلافات السياسية بين قيادات الأحزاب وبسبب تآكل الهوية الوطنية التي مهدت لمليشيا الحوثي الانقضاض على الدولة ومؤسساتها .
أستطيع القول إن ذلك صحيحا وأضيف عليه أن مأساة اليمن تتلخص في فشل قادته السياسيين بدرجة كبيرة في تحقيق تطلعات الشعب اليمني . لكن ذلك لا يعفي التحالف من تحمل جزء من المسؤلية اللاحقة التي تمثلت في اعتماده على حكومة تصريف الفساد ومجلس نواب شكلي يضيف رصيد لرئيسه ويخصم من رصيد اليمن واليمنيين وأصبح مقره داخل شنطة رئيسه مع العلم أنه كان بإمكان المجلس يصحح الاخطاء التي أرتكبت على مدار الخمس سنوات من الحرب .
ولا أجانب الصواب إذا قلت إن دبلوماسية السعودية ارتكزت على شعور غريزي أكثر من ارتكازها على رؤية استراتيجية ، لذلك لم تدرك العواقب الناتجة عن هذا الشعور . على المملكة أن تدرك وتنقل إدراكها إلى المجتمع الدولي أن التهديد الأخطر الذي يلوح في سماء اليمن ويهدد إستقرار المنطقة على المدى البعيد يتمثل في مليشيا الحوثي .
مليشيا الحوثي من المشكلات المزدوجة فهي ذات نزعة عدائية تجاه اليمن وتجاه المملكة وهي خطيرة بسبب تحفيزها للقاعدة وداعش .
يحتاج التحالف إلى تنفيذ إتفاق الرياض وسرعة تشكيل الحكومة ، إضافة إلى إيجاد مصالحة بين المؤتمر والإصلاح وبقية القوى الأخرى .
لا يمكن تحقيق النتائج الملموسة والمستدامة إلا بوحدة المؤتمر والإصلاح بوصفهم يمتلكون المقدرة الواضحة على فعل ذلك .
على الإمارات أن تقتنع بأن التهديد الأول والبعيد للتوازن اليمني والتوازن الإقليمي الأوسع ليس حزب الإصلاح . إن التهديد الأهم وطويل الأجل هي مليشيا الحوثي . ولابد من استعادة الجيش اليمني والعمل على دعمه في ميدان القتال . مازالت قدرة التحالف الفعلية كبيرة جدا ، فلا الحوثي ولا إيران يمثلان عقبة يصعب مواجهتها ، لكن الخلافات داخل الشرعية والتحالف أعطى تصورا أن الشرعية والتحالف آخذ في الضعف والحوثي آخذ في القوة ولابد من تغيير هذا التصور .