النداء ماقبل الأخير!

2 مارس 2020
النداء ماقبل الأخير!
فتحي بن لزرق
فتحي بن لزرق

بقلم - فتحي بن لزرق

توطئة: الآراء الواردة في هذا المقال لاتعبر عن فتحي بن لزرق وحده ، ثمة 30 مليون يمني إلا قليل يتشاركونها ايضا.

أواخر فبراير من العام 2017 زرت العاصمة السعودية الرياض وحط بي الرحال في فندق تستأجره الحكومة السعودية لقيادات الحكومة اليمنية ما بين عسكريين وإعلاميين وسياسيين وقيادات حكومية مختلفة.
طوال أسبوعين جلت بناظري في صفوف نزلاء الفندق فهذا قائد جبهة وهذا وزير وهذا قائد محور وهذا شيخ وهذا إعلامي كبير .
وخلال إقامتي اكتشفت أن كل هذه الجموع تدير مهامها من داخل أجنحة وغرف هذا الفندق.
أدركت يومها ان هذه الجموع الرابضة في فنادقها الوثيرة المتنقلة مابين عاصمة وأخرى لن تصنع نصرا لأحد.
مرت الشهور والسنين شاهدت نفس الوجوه وهي تتسكع مابين عاصمة وأخرى ، تمدد أرجل وتضم أخرى على مائدة طعام وثيرة .
ينتظر “اليمنيون” بأسى بالغ وبشغف مضاف نصرا من أناس لايملكون قدرة صناعته أو فلنقل على طريقتهم هذه لن يصنعونه البتة.
لم يكن الحوثي قادرا على إسقاط الدولة ولا التمدد إلا حينما غاب عن الدولة حضورها ورجالها وإيمانها بعدالة قضيتها.
ذات يوم كان الحوثي محاصرا في كهوف صعدة تائها لاحول له ولاقوة .
امتلك اليمنيون يومها عناصر القوة، السلاح والقيادة فانتصروا .
الحوثي هو ذات الحوثي لم يتغير ولم يتبدل ، من تبدل هي القيادة التي تخوض حربها ضده.
راجعوا كتب التاريخ وطالعوا واقرؤوا ودققوا في النصوص.
لم تٌكسب معركة واحدة بقيادة خارج البلاد ووزراء يتوزعون مابين فندق وآخر.
في أحداث أغسطس الأخيرة بعدن أجبرتني الظروف على أن أغادر لأشهر قليلة خارج البلاد .
بعد شهرين فقط من خروجي القسري أحسست بالعجز بأن أكتب للناس عن واقعها وانا خارج البلاد!
من الصعب ان تكتب للناس عن واقعا لاتعيشه .
لن تُقنع أحدا..
هذا وانا صحفي فما البال بمن يقودون البلاد..!
صحنا وبحت حناجرنا ..
ليس الحوثي أقوى منكم ولن يكون لكنه فقط يستقوي بأخطائكم وفسادكم ومشاريع الخاصة ، الأموال الطائلة التي بتم تكتنزوها.
لن يقيم “الحوثي” دولة ولن يمر لكنه فقط سيدمينا وقتا أطول بسبب أخطاء وفساد معسكرنا وقياداتنا وتيه تحالفنا.
هذه الحقيقة التي يجب ان تقال.
بلا خجل ولا وجل ولا خوف أيضا.
لم يعد لدينا ما نخسره ،فالبلاد تضيع.!
لن نكسب معركة برئيس خارج البلاد ونائب خارج البلاد ورئيس وزراء خارج البلاد وقطيع من المسئولين لاتنتفخ عقولهم فكرا وشجاعة وإحساسا بالمسئولية بقدر ماتنفخ مؤخراتهم سمنة وفسادا.
لن ينصرنا أصحاب المشاريع الاستثمارية .
لن ينصرك مسئول تحولت الحرب بالنسبة له إلى أداة تكسب لاتنتهي أبدا.
هذه البلاد بحاجة إلى قيادة على الأرض.
الشرعية بحاجة إلى رجالها الأقوياء .
الرجال الذين تحولت جزء من معركة الحرب في اليمن ضدهم لكسرهم.
أعطوني قيادة شجاعة على الأرض أمنحكم نصرا .
هذا فصل والثاني.
ليست مشكلتنا الشرعية فقط ولكن مشكلتنا جزء التحالف أيضا .
جزء التحالف الذي ضل طريقه .
جزء التحالف الذي باتت له الكثير من المعارك الجانبية ، جزء التحالف الذي يرى في صقور الشرعية ورجالها الأقوياء خطرا عليه.
جزء التحالف الذي يريد شرعية هشة ظنا منه أنها الوسيلة المثلى لتحقيق كل مايريد دون ان يدري انه يدمينا ويدمي نفسه.
أعيدوا الرئيس .
أعيدوا الحكومة وطهروا الشرعية من بؤر فسادها هذه.
الجندي في مأرب والجوف ليس بحاجة إلى السلاح ولا إلى الدبابات ولا المدافع.
الجندي بحاجة إلى ان يتلفت يمينا ويسارا فيرى القيادة إلى جانبه.
يريد ان يطالع الأخبار فيرى رئيسه على الأرض ورئيس وزرائه ووزير دفاعه.
لاتمنحه قطعة حديد .
امنحه كتلة الإيمان التي لاتنضب.
لاتمنحه قائد عسكري يسرق راتبه.
قائد عسكري يقضي نصف عامه على ضفاف نهر النيل وماتبقى مابين اسطنبول والرياض.
نحن بحاجة إلى الرجال ..
فهلا سمعتم لنا ..
للمرة الأخيرة
للنداء ماقبل الأخير

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام الموقع ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، ولتحليل حركة الزيارات لدينا.. المزيد
موافق